سيرة حب، أمين ونجلاء

كل عائلة لديها قصة حبٍّ ترغب في إعادة سردها. وغالبًا ما تكون قصة حبٍّ عاصفٍ وخالدٍ أحيانًا، مثل قصة أدون وعشتروت، وقيس وليلى، وروميو وجولييت، وغيرها من القصص المتبادلة من طرف واحد. وهناك في عائلتي قصة تجدّد إيماني بالحب، وهي قصة الأمير أمين والأميرة نجلاء.

سمعتها من صحفي تركي كان يحقق في علاقة حبَّ أمين ونجلاء أرسلان، وقد تم توثيق حبهما المأساوي في السجلات العثمانية التي يرجع تاريخها إلى أواخر القرن التاسع عشر. وقد بدأ الأمر بوقوع أبناء العم في جنون الحب.

الحبُّ الذي سيتعين عليهما النضال من أجله، لكنهما يخفقان في مواجهة الخلافات الأسرية العدائية. رأى أشقاء نجلاء مدى إصرارها على الزواج من أمين، فوضعوا خطة ونفّذوها عندما غادر أمين لبنان لتولي مهامه كقنصل لبلجيكا.

أحضروا إحدى بِذَله، وهي بذلة تعرفها نجلاء جيدًا، مزقوها بالرصاص ولوثوها بدماء طائر، وأرسلوا البذلة إليها مع رسالة:

"إلى نجلاء،

مع الأنباء الرهيبة عن اغتيال أمين. كان قد اتُّهم كزعيم لمعارضة الحكم العثماني، وقبل أن يُؤمِّن له المفاوضون المسالمون العفو، تم قتله".

بحزن شديد وقعت الأميرة نجلاء في أسر هذه الكذبة، بكت وذرفت دموعًا غزيرة مثل دموع النبي يعقوب عندما أحضر له أبناؤه قميص ابنه، مدَّعين أن الذئاب هاجمت شقيقهم يوسف، ذلك الحزن الذي أفقد يعقوب بصره.

لقد فقدت نجلاء رُشدها، حتى وصلت الأنباء إلى السلطان العثماني بأن الأميرة قد جُنَّ جنونها. وأمر بإحضارها إلى اسطنبول لتكون في رعاية أطبائه الخاصّين.

وفي إجازته الأولى إلى لبنان، علم أمين بمصير نجلاء. ولمّا خنقته مرارة الحزن والأسى، طلب نقله إلى أبعد مكان ممكن عن موطن حبيبته. تعيَّن في الأرجنتين وهو حامل لشهادة السوربون، وصار نقطة جذب لكل من السكان المحليين والمجتمع العربي مع تجمعاته الثقافية في منزله. أسس أمين صحيفة "La Posta" وأصدر كتبًا قيّمة. هامت به النساء، لكنه ظل مخلصًا لحبه الوحيد حتى كبر وتوفي ودفن في بوينس آيرس.

ونجلاء؟ تحسنت نعم، لكنها لم تستعد عافيتها تمامًا أبدًا، وعاشت أيامها الأخيرة بهدوء، حزينة على حب حياتها، تتذكر رسائل حبِّه المكتوبة تحت ضوء فانوس لطيف، مع قلب مليء بالأمل البريء.