بيت الشعر
الصورة من وزارة الثقافة
مفهوم الاستدامة ليس جديدًا لدى العرب، بل هو مفهوم يسير داخل مجرى الدم في أجسادهم. فمنذ القدم كان العرب يستفيدون من المواد التي يمكن استخلاصها سواء من الأنعام التي يقومون برعايتها وتربيتها وغيرها من المواد الطبيعية الأخرى. ويأتي بيت الشعر في مصاف الأمثلة التي يمكن تقديمها كدليل على إيمانهم بالاستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية الوفيرة، بهدف استغلالها حيث يتم حرفته يدوياً من قبل النساء البدويات.
ويُعد بيت الشعر هو الخيمة التي تعتبر منزلًا للبدو الرّحل حيث تقييهم من حرارة الشمس نهارًا وبرودة الجو لياً إلى جانب هطول المطر والعواصف الرملية، ومع مرور الزمن اكتسب بيت الشعر اسمه لاستخدام وبر الجمال وشعر الماعز وصوف الغنم الأبيض في صناعة أنسجته، إذ تسمى هذه العملية “حياكة السدو”، وذلك بسبب حياكتها على نحو أفقي فقط حيث يسمى الخيط المسدول بشكل طولي بالسَّدى، كما يتسم بقوته ونعومته وتجانسه التي تعود للإجهادات الكبيرة التي يتعرض لها في عملية نسجه على العكس من الخيط الممتد بالعرض والذي يدعى اللُّحمة. يُعد بيت الشعر مميزًا بألوانه الزاهية التي تتنوع بين الأسود، الأبيض، البني، البيج والأحمر، حيث يكتسب الشعر والصوف المغزول هذه الألوان عن طريق صبغه
بمستخلصات النباتات المنتشرة في الأراضي العربية مثل الكركم والحناء والزعفران والصبار والنيلة، فيما جرت العادة لدى نساء البادية بتعلمهن الغزل والصباغة والنقاشة بأنواعها منذ الصغر وتتم حياكته باستخدام آلة النول المصنوعة من النخيل أو خشب العناب من خلال مجموعات نسائية صغيرة يتبادلن فيها الأخبار والغناء تارة وإلقاء الشعر تارةً أخرى.
وللاستزادة حول بيوت الشعر، يجب معرفة أن لها أسماء عدة مبنية على عدد الخانات أو عدد الأقطاب التي تستخدم حسب حجم بيت الشعر فهنالك: القطبة، والمدوبل، المقورن، المثولث، المروبع، المخومس، والمسوبع، ويعتبر القطب عبارة عن سفيفة بالوسط وترفع على ثلاثة أعمدة: الميخر والواسط والمقدم. فكان العرب على اختلاف مناطقهم الجغرافية وتنوع ثقافاتهم الشعبية يصنعون بيوت الشعر. ومع ذلك لم تؤثر هذه الاختلافات في أسس صناعة بيوت الشعر وأسمائها، بيد أنها ظهرت في رموز ومعاني النقوش التي تحمل دلالات مستوحاة من طبيعة نمط حياة أهالي البادية وقيمهم وأحياناً وسم القبيلة أو المواسم، ومن بين أشهر النقوش التقليدية للسدو: العين، الضلعة، ضروس الخيل، العويرجان، المدخر، الشجرة، والرقم، وتصنّف زخارف ضروس الخيل بأنها الوحيدة التي تحمل بروزاً في أحد الأوجه.