مقابلة مع محمد الفرج، المعروف بأعماله ذات الطابع المستدام
فن النخيل لمحمد الفرجالقطع الفنية من الورق المقوى
لمحمد الفرج
عرف محمد الفرج بقطعه الترابية المتميزة، وذلك باستخدام الأرض والتربة في بعض الأحيان، وهو فنان سعودي يعيد تدوير العناصر في قطعه ويعيد استخدامها، مما يتركها مفتوحة للتأويل والتفكير..
نتعرف ضمن موضوعنا الخاص على الفنان السعودي محمد الفرج، وهو فنان تجريبي وسائط مختلطة، يستلهم من العالم الطبيعي من حوله ليخلق قصصاً مبدعة من خلال أعمال فنية تقوم على إعادة التدوير.
هنا نلتقي بهذا الفنان، الذي يأتي بعمله الفني كغلاف لعددنا من إثرائيات تكريمًا لجواهر الطبيعة الصغيرة، من ذبابة التنين إلى طائر “البلبل” والأشجار واتصالنا بالعالم الطبيعي حيث تم عرضها في حي جميل، وهي جزء من منحوتاته المصنوعة من الورق المقوى من تركيبته متعددة الوسائط تعرف بـ "جسب العيش".
في 2021 قام الفرج بتنفيذ الأعمال من خلال تجميع علب الأطعمة التي يتم استيرادها لتلبية المتطلبات الحالية للمملكة العربية السعودية، والتي تغيرت بمرور الوقت مع تطور البلاد ونمط الحياة والممارسات الغذائية.
الفن أو الممارسة الفنية هي محاولة للاتصال مع العالم ومع الآخر، هو تنمية القدرة على رؤية الشعر والإحساس به في كل شيء، الفن هو محاولة أن تكون، أن ترى وتسمع وتفكر من جديد دائماً. بالنسبة لي، الأعمال التي أقدمها وممارستي الفنية اليومية؛ هي الحب والحنين الذي أكنه لهذا العالم وناسه.
فن النخيل القطع الفنية من الورق المقوى
لمحمد الفرج
في الخليج ينتشر نوع من الطيور اسمه البلبل أبيض الخدين، وعندما كنت صغيراً كنا نراه دائماً ونسمع صوت تغريده الجميل والغنائي، حيث كان قريباً من الناس إذ كان بإمكان الشخص تربية الطير ليصبح صديقه، فيطير إليه إذا ناداه ويأكل من فمه ويجلس على كتفه. هذا الطير يفضل أن يبني عشه في أشجار الليمون التي كانت تزرع بكثرة في الأحساء، ولكن في الآونة الأخيرة أصبح المزارعون يستثقلون زراعته لأنه لم يعد يجدِ اقتصادياً وذلك بسبب استيراد الليمون الأجنبي والذي عادة يكون أرخص بكثير ويأتي بشكل براق ومتناسق، لذا قلت زراعة أشجار الليمون وبدأت أعداد البلبل الأبيض الخدين بالنقصان، إضافة إلى أسباب أخرى مثل صيده الغير المنظم وارتفاع حرارة الجو، لذلك قمت بجمع صناديق الفواكه والخضراوات وقصها وتشكيلها ككائنات وأشجار تهددها حركة الاستيراد والتصدير.
الاستدامة مصطلح لا يأتي إلى ذهني بشكل واعٍ، أعمل بهذه الطريقة وبهذه المواد لأنها الطريقة الوحيدة التي تبدو ذات أهمية وعمق، عندما أقوم بإعادة استخدام جذع شجرة أو ثوب وجدته في الطريق فإني أضع في العمل القيمة الروحانية والمادية من ذكريات من لبسوه إضافة إلى شكله وملمسه.
أشعر بأن هنالك الكثير والكثير من المواد والأشياء على هذه الأرض وأنه من الغير المنطقي أن نقوم بإضافة المزيد إن كان بإمكاننا إعادة استخدام الكثير وبلا مقابل، حتى هذه الممارسة لن تساعدنا وكوكبنا على أن نكون أكثر صحة فحسب؛ بل أنها تعطي مساحة كبيرة للإبداع والخيال علاوة على أنها غير محدودة وغير مكلفة.
القطع الفنية من الورق المقوى
لمحمد الفرج
النخلة وشجرة الزيتون أسلاف الأشجار كلها، وأنا محظوظ جداً كوني من واحة نخيل ونشأت حول المزارع فيها، حيث تعلمت الكثير من مشاهدة جدي عبدالله رحمه الله وهو يعتني بنخيله ويزرعها، وكنت أحب جمع الأغصان وتركيبها لتمثل قصة تدور في رأسي. والآن أحب جداً العمل بكافة أجزائها خصوصاً المرمي والمهمل منها وإعادة الحياة فيه، معظم الأشكال تبدو كالعظام والأحافير، لذا أطلق على هذه السلسلة اسم “أحافير المعرفة” لما تحمله النخلة من معرفة مقدسة عصية علينا لابتعادنا عنها وعن الطبيعة ونسياننا لغتها، لذا ربما أحاول استنطاق هذه الشجرة والإنصات لها.
بالنسبة للثوب المحترق، فهو جزء من مجموعة من اللوح والأعمال التي أعمل عليها ببطء، تحمل مواداً وكتابات ورسومات تستلهم أفكارها من الحياة اليومية والقصص الشعبية. فاللنار والفحم والرماد قوى عجيبة على التغيير، والطين رمز وجودنا القديم.
تمر وقهوة وماء وأوراق وثياب كلها مواد تتفاعل مع بعضها البعض وتحمل كما ذكرت من قبل قيمة روحية ومادية، تجعل ما أقوم به ذو معنى أكبر ومتصلاً بهذا الوجود الإنساني ويجعلني صغيراً جداً أمام ذاك السياق والتراكم.
تعلمت مؤخراً بأن الحياة يلزمها التنازل والتصالح ما بين ما نعتقده ونراه بأنه حقيقي وبين ما هو فعلاً.