حيث تكتشف الوحوش والأساطير والخرائط السحرية

تُعدّ المكتبات خزائن مقدّسة لخيال الإنسان — حرّاسًا لعوالم واقعية وحُلمية على حدّ سواء. في أروقتها الهادئة، تشي الأطالس المجلدة بعناية عن أراضٍ تحوم فيها التنانين، حول جزر لم تُرسم بعد في أولى الأطالس الحديثة، وتنبض المخطوطات القديمة بسحر ألف ليلة وليلة، حيث يتحدّى الجنّ الزمن، وتعيد شخصيات ماكرة كالوزراء نسج مصائر الناس كما يُنسج الحرير.

نشارككم هنا شيئًا من سحر العوالم المتخيلة، بالتعاون مع مكتبة قطر الوطنية (QNL)، حيث نسلّط الضوء على مجموعة مختارة من كنوزها، بتنسيق من عائشة حسن الأنصاري، رئيسة قسم المجموعات التراثية في المكتبة.

ليست هذه مجرد كتب أو أطالس أو صفحات، بل هي بوابات سحرية — يختفي من خلالها طفل إلى عالم خيالي، ويناقش فيها باحث شبح ابن سينا، ويتتبّع شاعر أثر عنترة في حُبّه الأسطوري.

في المكتبات يتحوّل الحبر والورق إلى كيمياء سحرية، تحوّل الفضول إلى نار متّقدة، ويصبح كلّ قارئ — سواءً قلّب الصفحات، أو تصفّح الشاشات — جزءًا من أقدم طقوس الإنسان: ذلك السعي اللامتناهي، النهم، وراء الحكايات الساحرة التي تجعل الكون يبدو فسيحًا، مترابطًا، ومفعمًا بالدهشة.
 

كان أنطوان غالان (توفّي عام 1715) أول مترجم أوروبي لألف ليلة وليلة. وقد نُشرت ترجمته في 12 مجلدًا بين عامي 1704 و1717، وجرى تكييفها بما يتماشى مع ذوق العصر حينها. كان لهذا العمل تأثير بالغ في الأدب الأوروبي اللاحق، كما أسهم في تشكيل تصورات الأوروبيين تجاه العالم الإسلامي. ويُرجّح بعض الباحثين أنّ حكايات علاء الدين وعلي بابا أُضيفت من قبله، ولم تكن ضمن الروايات الأصلية.

عمل أُعيد مراجعته مؤخّرًا من قبل المؤلف نفسه، صُحّح في مواضع عديدة، وزُوِّد بعدد كبير من الخرائط الجديدة والتعليقات المضافة. أبراهام أورتيليوس (1527–1598)، رسام خرائط فلمنكي وتاجر خرائط وكتب وتحف، يُعرف بأنّه مبتكر أول أطلس حديث. تميّز عمله بإدراج مخلوقات بحرية أسطورية، خصوصًا في خريطة آيسلندا، حيث ملأت هذه الكائنات — المستوحاة من الأساطير وحكايات البحّارة — المناطق المجهولة والخطيرة، مضفية على الخرائط طابعًا من الغموض والدهشة.

هذه هي النظرة الأولى على تعاوننا مع مكتبة قطر الوطنية (QNL) نأمل أن يستمتع القراء باكتشاف الكنوز وسبرها في مكتبة قطر الوطنية، وربما بعض الكنوز المنسية في مكتباتنا الخاصة.