نحن نعد شيئًا رائعًا من أجلك.

ما بين الصّمت والأحلام
فن الغلاف:

ما بين الصّمت والأحلام

ما بين الصّمت والأحلام

لوحة "تقارب"، للفنان توني ديمورو 2025 - فن رقمي، اللوحة بإذن من الفنان.

بقلم فريق تحرير إثرائيات
September 30th, 2025
الخيال نافذة على ما هو ممكن؛ يحوّل الصمت إلى صور، ويمنح صوتًا للعوالم الداخلية"
الفنان توني ديمورو

كلّ عملٍ فني هو أشبه بحكاية تُروى قبل النوم: آسِرة، وحالمة، ومليئة بالمشاعر والدفء. يسرّنا في هذا العدد أن نسلّط الضوء على الأعمال الإبداعية للفنان الإيطالي الشهير توني ديمورو، الرسّام البصري، والمبدع المنحدر من مدينة سردينيا. 


نال ديمورو شهادة في الرسم من أكاديمية الفنون الجميلة في سَساري، وتميّز بأسلوب شاعري بسيط، يتّسم بأجواء حالمة، ورمزية الطبيعة، وتدرجات لونية أنيقة ومدروسة.


تنوّعت أعماله الفنية لتشمل رسومات لأغلفة كتب، وكتب مصوّرة نالت جوائز مرموقة، وقد تعاون خلالها مع مؤسّسات عالمية بارزة مثل: نيويورك تايمز، واشنطن بوست، بنجوين بوكس، فانيتي فير، كوريري ديلا سيرا، وموندادوري.

 

إلى جانب نشاطه التحريري، قام الفنان الإيطالي بتصميم ملصقات لمهرجانات الجاز والفعاليات الأدبية والثقافية، حيث جمع بين السرد البصري والأسلوب الغرافيكي الفريد الذي يميّزه.


تمتاز أعماله بقدرتها الفريدة على تجسيد العاطفة والخيال بأسلوب يجمع بين البساطة والعمق، حيث تغلّف الظلال فضاء الصورة بشكل شامل، ما يجعل العناصر المضيئة تتوهّج، وتتجلّى بوضوح لافت.


إنّ الشخصيات الغامضة، والتفاعل المتناغم بين المقدمة والخلفية، والرموز المخفية، والأجواء السريالية، كلّها تشكّل عالمًا بصريًّا مفتوحًا على التأويل. إنّه عالم لا يكتفي بأن يُرى، بل يدعو المُتلقّي إلى أن يتخيل، ويستكشف، ويلهو مع ما يتكشّف أمامه.

 

في حوار خاص أجرته مجلة إثرائيات مع الفنان الإيطالي توني ديمورو، نمضي معًا لنكشف الستار عن حكاية هذه الأعمال الفنية الساحرة. 

 

الفنان توني ديمورو.
س1: ما الذي يعنيه لك "الخيال"؟

الخيال هو نافذة على كلّ ما هو ممكن؛ إنّه يحوّل الصمت إلى صور، ويمنح المشاهد الداخلية صوتًا خاصًّا بها. عندما أرسم لا أهدف إلى إعادة إنتاج الواقع، بل إلى استحضار إحساس، أو حلم، أو ذكرى مشتركة يمكن للجميع أن يجدوا أنفسهم فيها.
 

س2: حدّثنا عن رحلتك مع الفن.

بدأت علاقتي بالفن في سنّ مبكّرة جدًّا؛ عندما كنت في السادسة حصلت على أول لوحة قماشية وألوان زيتية، وكانت أولى لوحاتي رسمة لببغاء وسط الغابة. واصلت هذا الشغف بدراسة الزخرفة التصويرية في معهد الفنون، ثمّ تخصّصت في الرسم في أكاديمية الفنون الجميلة بمدينة سَساري، مسقط رأسي. في عام 2000، أسّست مشغلًا للخزف الفني، وهي تجربة أثْرت فهمي للمادّة واللون، وعمّقت علاقتي بهما. لكن نقطة التحوّل الكبرى جاءت في عام 2010، حين بدأت أكرّس نفسي لفن الرسم التوضيحي. ومن خلال مدونة شخصية، وشبكات التواصل الاجتماعي، تمكّنت من عرض أعمالي، والوصول إلى جمهور أوسع، ما شكّل بداية فصل جديد ومهمّ في مسيرتي الفنية.

 

س3: ماذا يعني لك الفن؟

الفن بالنسبة لي هو لغة داخلية عميقة، وأكثر وسائلي صدقًا للتعبير عمّا أراه وأحسّه. إنّه مزيج بين الملاحظة والتأويل؛ وطريقة لالتقاط اللحظة، وتشكيل الأفكار، والتعبير عن العواطف. الفن لا يقتصر على التقنية فحسب، بل يتجسّد أيضًا في الانتباه وفي الصمت، وفي النظرة التي نوجّهها للعالم. إنّه امتداد لطريقتي في العيش، والتفاعل في هذا العالم.

 

لوحة "أحمل النور" للفنان توني ديمورو، فن رقمي، بإذن من الفنان.
س4: أسلوبك يتميّز بفرادة واضحة؛ ما مصادر إلهامك، ومن هم الفنانون الذين تأثّرت بهم؟

 

أستمدّ إلهامي غالبًا من العالم حولي: من جمال الطبيعة، والأدب، والموسيقى. تجذبني الأجواء المحيطة بي، ولحظات الصمت، وتلك التفاصيل الصغيرة التي تقول الكثير دون كلمات. من بين الفنانين الذين أثّروا في مسيرتي: رينيه ماغريت، لورينزو ماتوتي، وجان-ميشيل فولون. أسعى دومًا إلى ابتكار صور تحمل صوتها الخاص، صور تبدو معلّقة في الزمن، يسهل تمييزها، وقادرة على لمس شيء عميق في داخل المتلقّي.
 

لوحة "العناية" للفنان توني ديمورو 2025، اللوحة بإذن من الفنان.
س5: إلامَ ترمز شخصية الظلّ الرئيسة في أعمالك؟

الشخصية التي تتكرّر في رسوماتي تمثّل حضورًا هادئًا وخفيًّا، لا تُرى بالعين المجرّدة. إنّها أشبه بحارس للطبيعة؛ يتنقّل بخطى بطيئة بين الغابات والتلال والأنهار دون أن يترك أثرًا يؤذي، بل يبدو كأنّه جزء عضوي من المشهد الطبيعي. يتماهى مع الأرض التي يسير فوقها، يراقبها بصمت، ويحميها كما يحمي أولئك الذين يمرّون فيها. هو ليس كائنًا مهدّدًا، بل رمز للحماية، وتذكير دائم بضرورة الحفاظ على التوازن والاحترام بين الإنسان والبيئة. وفي عالم يمضي على عجالة، ولا يكاد يلتفت لما حوله، يدعونا هذا الكائن العملاق إلى التروّي، والملاحظة الدقيقة، والاعتناء بما نملك.
 

س6: كيف تصف فنك؟

يمتلك فني نقطة التقاء بين الواقع والحلم، وهو وسيلة لاستكشاف الحدود الفاصلة بين ما نراه، وما نشعر به. أسعى من خلاله إلى خلق صور تسرد حكايات بصمت، تعتمد على التفاصيل الدقيقة وأجواء معلّقة توحي بالكثير دون أن تقول، كما أنّ عملي الفني نسيج متشكّل من مراقبة دقيقة للطبيعة، ومن انغماس في العوالم الداخلية، أساسه لغة بصرية بسيطة في ظاهرها، لكنّها نابضة بالدلالات.

 

لوحة "الأرق" للفنان توني ديمورو 2025 - فن رقمي، اللوحة بإذن من الفنان.
نقدّم لكم مجموعة من أعمال الفنان الإيطالي توني ديمورو التي تعكس أسلوبه الجميل والآسر:
إعادة تعيين الألوان