رحلات الخيال
طاسة. أصبح طائر العنقاء المحلّق، المشهور في فن شرق آسيا، رسمًا زخرفيًّا في الفن الإسلامي، وأيقونة رمزية. مع قدوم المغول الذين غزوا إيران والعراق في منتصف القرن الثالث عشر ميلادي، وتأسيس السلالة الإلخانية. يتضمّن هذا التصميم الديناميكي خمسة طيور عنقاء، علمًا بأنّ الطاسات المشابهة تحتوي عادةً على أربعة فقط في نمط أكثر رتابة وثباتًا.
فخار مصبوب من الفريت، مزخرف بألوان الأبيض والأسود والرمادي، ومغطّى بطبقة من الطلاء الشفاف. يُحتمل أنّه من كاشان، إيران (خزف سلطاني)، القرن الثالث عشر إلى الرابع عشر الميلادي / السابع إلى الثامن الهجري. الارتفاع: 13 سم، القطر: 16.7 سم. بإذن من متحف إثراء، رقم القطعة 2024.0023.
خيالنا لا يعرف حدودًا، إنّه متجذّر في كلّ خلية عصبية من أدمغتنا، وينتقل عبر الأجيال في كلّ حرف من حمضنا النووي، وينساب في كلّ ذرة من كياننا مع كلّ نبضة من قلوبنا.
نستلهم من كلّ ما يحيط بنا، ونعبّر عن أنفسنا من خلال أيّ وسيط نجيده، ولو بقدر بسيط من المعرفة أو المهارة.
منطق الطير -على سبيل المثال -، مقطع قرآني يشير إلى فهم النبي سليمان -عليه السلام- لكلام الطير، والذي ألهم الشاعر الفارسي فريد الدين العطار في القرن الثاني عشر لكتابة ملحمته الشهيرة. في قلبها طائر السيمرغ الأسطوري — وهو التجسيد الفارسي لطائر العنقاء، الذي يرمز إلى الحكمة الإلهية وتحقيق الذات.
ظهرت هذه الطيور الأسطورية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر في وسائط فنية أخرى، أبرزها الحِرَف اليدوية. ويعدُّ الوعاء المعروض هنا مثالًا لافتًا لذلك، إذ يصوّر خمسة طيور عنقاء في طيران رشيق مفعم بالحركة والحياة. كما يظهرُ هذا خروجًا واضحًا عن التصاميم المماثلة لتلك الحقبة، والتي غالبًا ما كانت تكتفي بأربعة طيور تُرسم بنمط رتيب وثابت.
على الرغم من أنّ زخرفة طائر العنقاء تعود في جذورها إلى التقاليد الشرق آسيوية، فإنّها دخلت إلى الفن الإسلامي خلال الغزوات المغولية في القرن الثالث عشر، ومع قيام الدولة الإيلخانية في إيران والعراق.
لكن هذا الوعاء لا يُعدّ مجرد قطعة فنية أو حرفية فحسب؛ بل هو قصة، وذاكرة، وشرارة خيال خالدة في الزمن. إنّه يُذكّرنا بأنّ الفنّ ليس مرآةً للثقافة فحسب، بل هو أيضًا جسرٌ يصل بين الأسطورة والمادّة، وبين الخيال والتجسيد.
يمكنكم مشاهدة هذا الوعاء الخزفي الرائع، إلى جانب قطع فنية أخرى، في معرض 3 مركز إثراء . يرجى الضغط هنا لمزيد من المعلومات.