نحن نعد شيئًا رائعًا من أجلك.

عوالم "المتخيّل" اللامتناهية
كلمة المحرِّر:

عوالم "المتخيّل" اللامتناهية

عوالم "المتخيّل" اللامتناهية
امسح اللون

الأبطال والأشرار: ظهر لأول مرة على شاشات التلفزيون عام 1975، تحت اسم "يو إف أو روبورت غرندايزر"، ويُعرف أيضًا بـ: غرندايزر، غولدرَك، غولدوراك. وهو مسلسل مانغا ياباني وأنمي من ابتكار جو ناجاي، أصبح محبوبًا في الشرق الأوسط بعد دبلجته إلى العربية، إلى جانب مجموعة أخرى من أعمال الأنمي اليابانية التي شكّلت وجدان عدة أجيال.
 

بقلم ريم الغزال
September 30th, 2025
"العقل هو عين الروح، والخيال هو نورها"
مقولة تُنسب على نطاق واسع إلى المفكر والطبيب في القرن الحادي عشر ابن سينا.

إن الخيال هو أول وأقوى تقنية ابتكرها الإنسان

فقبل زمن طويل من تشييد المدن أو كتابة الخوارزميات، كنا نحكي القصص: أساطير الآلهة والوحوش، وملاحم الأبطال والأشرار، وحكايات هامسة عن عوالم خارج حدود عالمنا.

هذه العوالم المتخيَّلة لم تكن مجرد ترفيه ولن تكون، بل هي تبني الثقافات، وتتحدى التصورات، وتمنحنا ملجأً، وفي الوقت نفسه تعكس أعمق مخاوفنا وأسمى آمالنا.

من رؤى الخيال العلمي المستقبلية التي تدفع حدود الممكن—مثل السفر عبر الزمن والسيوف الضوئية—إلى الملاحم الخيالية والحكايات الخالدة (مثل ألف ليلة وليلة) التي تعيد إحياء السحر القديم في ذهنية الحاضر، مرورًا بالطاقة النابضة والحيوية لقصص الكوميكس والأنمي والمانغا والروايات المصوّرة؛ تذكّرنا جميع هذه الأنماط بأن الخيال ليس مجرد تسلية للأطفال، بل هو ابتكار، وتأمل ذاتي، وتجسيد للتعاطف في آن واحد.
 

في هذا العدد، نحتفي بموضوع "المتخيّل" وبالعوالم اللامتناهية للعقل، حيث تحلّق التنانين في سماء مضاءة بالمصابيح، وترسم السفن الفضائية مساراتها عبر طبقات سديمية غامضة، ويغدو العادي استثنائيًّا ما أن تُقلب الصفحة أو يُنقر الزر.

هنا، حيث تتداخل الأساطير بالتكنولوجيا، والحدس بالفكر، نقف أمام البذور الأولى التي أنتجت هذا الخيال الفسيح، مثل رواية "فرانكشتاين" لماري شيلي (1818)، التي تُعد غالبًا أول رواية حقيقية في أدب الخيال العلمي. ومع ذلك، هناك عمل أقدم في التراث الأدبي العربي يُعتقد أنه يحتوي على أول رواية خيال علمي في العالم، كُتبت بين عامي 1268 و1277، وهي "الرسالة الكاملية في السيرة النبوية" لابن النفيس. ويُعرف هذا العمل أيضًا باسم "Theologus Autodidactus"، وهو كتاب يتخيّل صبيًا يعيش في جزيرة ويلتقي بمجموعة من الناجين من كوارث، ثم يُؤخذ إلى العالم المتحضّر. هذا العمل الفلسفي يستكشف طيفًا واسعًا من المواضيع المعرفية منها يوم القيامة والتقنيات المستقبلية، بطل علم نفسه بنفسه، قبل قرون من ظهور الخيال العلمي الغربي.

ومن أسوار أوروك العالية، حيث خاض جلجامش ملحمته في سومر القديمة (نحو 2100 – 1200 قبل الميلاد)، إلى شعاب موردور وسهول غوندور في "سيد الخواتم" لتولكين (1954-1955)، يصطفّ أمامنا موكبٌ من الأبطال: شجعان، وحالمون، ومعذَّبون. أبطال واجهوا آلهة وجيوشًا وظلالًا، وكأنهم يُنذروننا بأن الطريق إلى الخيال ليس مفرًّا، بل ضرورة.

 

لوحة التنين (1952) عمل للفنان إم. سي. إيشر (1898-1972)، 1952. نقش خشبي. حقوق النشر: مجموعة كورنيليوس فان إس. روزفلت. ملكية عامة، المعرض الوطني للفنون. 
اسأل نفسك دائمًا: "ماذا لو…؟"

 ماذا لو كنتَ أميرًا من كوكب آخر، مثل دوق فليد في "غرندايزر"، وكنت تملك من الحديد والمروءة ما يحمي أحبّتك وكوكبك؟ ماذا لو أوكل إليك مصير المجرة ليوم واحد، ومعك رفيقٌ آليّ لا يُقهر؟ بالنسبة لي، لن أتردّد في الإجابة: أودّ أن أقود "غرندايزر" ليومٍ واحد، أن أحلّق بين المجرات، وأخوض مغامرة يتردّد صداها في أحلام المراهقين والأطفال الكبار.

إن طرح سؤال "ماذا لو؟" قد يساعدك على التعامل مع الواقع، من خلال إعادة تشكيله أولًا في عقلك، لترى إلى أين يمكن أن يقودك. فالخيال ليس ملاذًا للهرب، بل مرآة نعيد بها تشكيل الواقع، ومختبرًا للأمل، وورشة لأحلام لم تولد بعد. هو الدفعة الأولى في محرك التقدّم، وهو اللسان الذي يتحدث به الغرباء عندما يرغبون في أن يصبحوا أصدقاء.

إلى الحالمين، والمتسائلين، وبُنّاة العوالم، وكل من يقف بينهم، ليكن هذا العدد رفيقكم في رحلتكم التالية، أو نافذتكم إلى احتمالٍ جديد.

ماذا ترى؟ استمتعوا بعمل أنطون سيدر "الحيوان في الفن الزخرفي (1986)"، حقوق النشر: Public Domain Review.
إعادة تعيين الألوان