وفاء الحمد: عوالم من الفن والخيال
في لوحتها "ليلة الحناء" (1992)، تحوّل الحمد عادة اجتماعية إلى مشهد أخّاذ طافح بالرمزية والروحانية، تتناغم فيه الألوان والحركة والضوء، حيث الشخوص تتبدّى وكأنها قادمة من عالم الأحلام في أجواء سريالية نابضة. بإذن من متاحف قطر.
في المشهد الفني القطري، ثمة أسماء استطاعت أن تمزج بين الإبداع البصري، والرؤية الأكاديمية، والفلسفة الجمالية الأصيلة. والفنانة القطرية الراحلة وفاء الحمد (1964-2012) في طليعة هؤلاء. على مدار أكثر من عقدين شيدت الحمد إرثًا بصريًّا غنيًا، ما يزال يلهم الفنانين والباحثين في الفن المعاصر.
ولدت وفاء الحمد في العاصمة القطرية الدوحة، وبدأت رحلتها الفنية مبكرًا في المرسم الحر، حيث تلقت تدريبًا تحت إشراف نخبة من الفنانين المحليين والعرب. كانت ملامح الموهبة واضحة، وسرعان ما توجتها بالتحاقها بجامعة قطر، حيث حصلت على بكالوريوس في تعليم الفن عام 1986، لتكون من أوائل النساء المتخصصات في هذا المجال. وتابعت وفاء الحمد دراستها العليا، فحصلت على درجة الماجستير في الفنون الجميلة من جامعة شرق ميشيغان (1991)، ثم نالت درجة الدكتوراه في التربية الفنية من جامعة شمال تكساس (1998)، لتصبح بذلك أول أستاذة قطرية في قسم التربية الفنية، وأسست لمرحلة جديدة من التعليم الفني المتخصص في قطر.

خداع البصر، 1985. ألوان أكريليك على قماش على لوح، 53 × 77 سم. مجموعة: المتحف العربي للفن الحديث MAT.2007.1.2072 بإذن من متاحف قطر.
لم تكن وفاء الحمد مجرد أكاديمية، بل كانت فنانة صاحبة أسلوب خاص. اتسمت أعمالها بما يمكن تسميته بـالخداع البصري الحالم والتجريد التأملي، حيث استدعت الذاكرة والهوية المحلية ضمن قالب فني حداثي، يمزج بين التراث والتقنيات المبتكرة.
شاركت الفنانة في العديد من المعارض المحلية والإقليمية، من أبرزها:
● المعرض الفردي الأول مع جمعية قطر للفنون التشكيلية.
● المعرض الإقليمي "عبق من الماضي".
● بينالي الشارقة الرابع (1999).
● معرض "الفنانات التشكيليات العربيات" بمؤسسة الشارقة للفنون.
● معرض "6 نساء خليجيات" في قصر الثقافة بالشارقة.
وعلى المستوى الوطني، فقد تركت بصمة واضحة في معارض مثل:
● سوالف: الفن القطري بين الذاكرة والحداثة.
● تجربة إلى الأمام: الفن والثقافة في الدوحة.

قاع المحيط، 1990. ألوان أكرليلك على قماش، 130.3 × 160.3 سم . بإذن من متاحف قطر.
في مبادرة تكريمية، نظم المتحف العربي للفن الحديث معرضًا شاملاً بعنوان "جغرافيا الخيال"، يعيد من خلاله قراءة مسيرة وفاء الحمد. المعرض يستعرض تأثيرات الفن العالمي والخليجي على تجربتها، ويُسلّط الضوء على جذورها الثقافية القطرية والعربية التي شكّلت ملامح فلسفتها البصرية. تقول لينا رمضان، قيّمة المعرض: "يتناول المعرض التأثيرات العالمية والخليجية التي أثّرت في تطوّر الفن الحديث والتجريد، وأسهمت في صياغة رؤية الحمد الفنية. كما يُسلّط الضوء على التقاليد القطرية والعربية التي ألهمت ممارساتها الجمالية، كاشفًا عن فلسفة فنية فريدة."
تم تدشين هذه القطعة الفنية "قاع المحيط" من قبل المؤسسة العامة للحي الثقافي على جدارية الحي الثقافي "كتارا" تخليدًا لذكرى الفنانة الراحلة وفاء الحمد والتي توفيت في فبراير 2012، وتركت وراءها أرشيفًا بصريًّا ومفاهيميًّا يُعد من أهم المرجعيات في الفن القطري الحديث. لم تكن فقط فنانة، بل مربية، ومصممة، ومؤسسة لوعي بصري طموح في المجتمع.
هذه المقالة القصيرة لن تفي الفنانة الراحلة ما تستحقه من تكريم، إنما هي مدخل للبحث في فنها الرائد والأصيل.

تكوين هندسي، 1988-1998. كولاج ورقي على لوح خشبي، 43.6 × 43.6 سم. مجموعة متحف: المتحف العربي للفن الحديث. MAT.2007.1.2016. بإذن من متاحف قطر.

عجفة (الضفيرة)، 1989. طباعة على ورق، 81 × 66.5 سم. من مجموعة المتحف العربي للفن الحديث.
رقم الحفظ MAT.2007.1.2082. بإذن من متاحف قطر.

باب - شبابيك، 1994. ألوان مائية على ورق، 92 × 122 سم. بإذن من متاحف قطر.


