أنا مجرد نقطة أخرى في هذا العالم
غرفة المرايا اللانهائيّة Yayoi Kusama - Infinity Mirror Rooms - يايوي كوساما
تعتبر من أشهر الفنانات المعاصرات العالميّات، فنانة وروائيّة يابانيّة رائدة، تعيش في عقدها التاسع، ولدت في العام 1929 م، تمكنت من ابتكار لوحات خياليّة باستخدام وتكرار لا متناهٍ للنقاط، بوصفها زخارف فنيّة، وتنوعت تجربتها بين مجالات مختلفة، من: الرسم، والنحت، والأعمال التركيبيّة، وصولً إلى عالم الأزياء، والشعر، والفنون الأدائيّة، ولم تضع حدودًا للخامات والمواد التي ترسم عليها، فرسمت على كلّ ما يحيط بها من: أوراق وملابس وأشجار وأحجار وحتى قطع الأثاث.
طوّرت تجربتها من اللوحات ثنائيّة الأبعاد، وأسلوبها الخاص في رسم النقاط والدوائر، والخروج بها نحو الفراغ الحقيقيّ الثلاثيّ الأبعاد، من خلال عملها الشهير (غرفة المرايا اللانهائيّة)، حيث استطاعت أن تخلق تجربة
تفاعليّة بين عناصر العمل والمشاهد الذي يتجول في الغرفة التي تمتد بلانهائيّة، نتيجة تأثير توزيع المرايا العاكسة في أرجاء الغرفة، مع وجود ممرات مائيّة، شكّلت تجربة فنيّة مختلفة عند التواجد داخل الغرفة، تأخذ الزائر للعمل إلى رحلة خياليّة فضائيّة خارج أسوار اللوحات وحدود المكان، حيث يتلاشى حجم المكان الفعليّ وتختفي أبعاد الغرفة الحقيقيّة من سقف وجدران؛ لتتحول إلى فضاء مفتوح تختفي فيه نقطتا البداية والنهايّة، وهو ما يجعل العمل يشكل صناعة مكان فراغيّ بتأثير الضوء، والمرايا بتوظيفها في بناء هذا الشعور الخياليّ، وهو ما يعزز أهميّة أن يطوّر الفنان أدوات وعناصر عمله الفنيّ، حيث يظهر جليًا لدى الفنان تطوير أعمالها، من مجرد أعمال مرئيّة إلى مساحات تفاعليّة تجعل المتلقي والمشاهد جزءًا منها. تم عرض غرفة المرايا في مدن مختلفة، وبإصدارات متنوعة، كانت جميعها تحمل ذات الطابع الخاص بها،
في بناء مساحة ممتدة يعيش خلالها الزائر حالة من التأمل في الفضاء الممتد، محاطًا بتكرار لانعكاسات الدوائر المضيئة أو الملوّنة، وكان أول عرض للإصدار الأول من هذه الغرفة في العام 1965 م. كان لنشأة يايوي كوساما وطفولتها المبكرة في نطاق أسرة يعملون في تجارة البذور، الدور الأكبر في تأثر ملامح تجربتها الفنيّة وذاكرتها الشخصيّة، بالفضاء المفتوح، وتجولها في الحقول الممتدة، وتصورها لنقاط ودوائر لا نهائيّة تحيط بها من جميع الجهات، الموجّه الأكبر في رسمها لتلك المشاهد وتكرارها وتطورها مع تطور تجربتها وعمرها الفنيّ، وانتقالها من الولايات المتحدة الأمريكيّة وتأثرها بالاتجاهات الفنيّة السائدة في ذلك الوقت. وبالرغم من ذلك، واجهت الفنانة العديد من الصعوبات والتحديات على الصعيد الشخصيّ، وانعكاس ذلك على الحالة النفسيّة والمزاجيّة لها، مما عرضها لتجربة
الدخول إلى المصحة النفسيّة ومحاولات لفهم وتحليل شخصيتها المختلفة.
وصفت الفنانة اليابانية «يايوي كوساما » فنَّها بأنّه الوسيلة والعاج، وأيضًا وصفته بالمرض الذي جعلها تصل إلى مرحلة الهاوس، لكّنها وجدت مهربها في الفنّ، فكان هذيانها هو الملهم الأول لكثير من أعمالها. تحكَّم فيها التكرار والتكتل اللانهائيّ لشكل وحيد يغزو الجمادات والمساحات والبشر، لم توفر هلاوسها إلهامًا وحسب، بل رغبةً ملحةً في تمثيلها على الواقع. إن المتابع لمسيرتها الفنيّة وعملها غرفة المرايا اللامتناهية يجد نفسه يعيش مع فنّ مختلف مفعم بالخيال، يمتدّ في الفراغ دون نقطة توقف.