مهرجانات الضوء حول العالم
يراعات على الماء، للفنانة اليابانيّة يايوي كوساما
يحتلّ الضوء مكانة خاصة في نظرتنا إلى الظواهر الطبيعيّة، فهو العنصر الذي تستقبله العيون بالبهجة، وتستقبله الذائقة بالرضا والتقدير. ودائمًا كانت مشاعر الأمل والتفاؤل تأتينا عبر أشعته التي تنشر الإيجابيّة حيث يصل مداها. وليس من فراغ أن يكون الضوء من الأركان الأساسيّة لأكبر الاحتفالات والمعارض والمهرجانات. وعبر محطات هذا العدد نستعرض أبرز العروض الفنيّة العالميّة التي كان الضوء نجمها الأول.
عندما يغرق المكان في هدوء الظام وانسيابيّة الماء، يتناثر الضوء نجومًا صغيرة تتألق في كل مكان؛ لتصنع عالمًا خياليًّا من الجمال اللامحدود. بهذا التصوّر الفنيّ الفريد من نوعه، نجحت الفنانة اليابانيّة يايوي كوساما في تصميم هذه الغرفة الساحرة: يراعات على الماء، حيث يذوب الزمان والمكان داخل سمفونيّة الضوء، وتتحول الأرضيّة الخشبيّة إلى لا مكان، والستون ثانيةً إلى دهر لا نهائي؛ لتصنع ثورتها الفنيّة الخاصّة، وتقدم الدهشة طبقًا مضموًنا لكلّ من حضر عروضها حول العالم.
تتّجه الأنظار في بريطانيا سنويًّا إلى مدينة ليدز، حيث تقف المباني والساحات العامة والخاصة متشوقة في انتظار مهرجانها السنويّ “أضواء الليل”، لتلبس أبهى حللها وتزدان بآلاف الأضواء والألوان المتدفقة. يتعانق الضوء في هذا المهرجان مع معالم المدينة ويرقص مع موسيقاها، فتتحول إلى لوحة فنيّة رائعة لا تترك لمن يراها مجالً لغير الذهول والانبهار.
تقضي قرية آبر كندا يومها في انتظار الليل، الذي يأتي ومعه الضوء ليقلب المعادلة، ويحّول القرية إلى عالم سحريّ ترسمه ريشتان فقط: الظام والأنوار. أكثر من مليون مصباح ملون، تنتشر في أعياد المياد في كل تفاصيل القرّية وعلى جدران منازلها وأبوابها ونوافذها وبين أغصان أشجارها وترسم لوحة خياليّة من عوالم القصص المصورة تنقل زوّارها عبر هذا الشال الهادئ من الأنوار إلى زمان غير الزمان، ومكان غير المكان.
لا يكتفي مهرجان الأنوار بإبهار سكان مدينة ليون الفرنسيّة، وإّنما يمّثل حدثًا فّنيًّا ينتظره عموم الفرنسيّين، ليمارسوا الدهشة في حضرة الأنوار التي تتناغم في عروضفنيّة واحتفالات مليونيّه تحوّل ليل هذه المدينة إلى لوحة فنيّة ساحرة. تتناثر الأعمال الفنيّة الضوئيّة في كل أرجاء المدينة، التي تحولت إلى معرضٍضوئي يحبسالأنفاس، من متحفالقمر إلى أنوار القلب إلى ألعاب الضوء إلى ما بعد الحقيقة، وصو إًلى العرض ل الضوئيّ الضخم في البازيليكا نوتردام دو فورفيير الذي تتألق أنواره كتاجٍ على رأسالمدينة.
يُمثّل مهرجان لومينا للأضواء أحد أجمل صور التناغم بين الضوء والمكان، إذ تستعين مدينة كاسكايسالبرتغاليّة بالأنوار، لتبرز ثراء التراث الثقافيّ لشوارعها ومعالمها. يلتحم الضوء - في مختلف أشكاله وألوانه - بأدقّ تفاصيل المدينة وأشيائها، ليصنع معرضًا ثقافيًّا تفاعليًّا متعدد الوسائط، يضمّ أكثر من 150 عم فًنيًّا ضوئيًّا من إبداع ا 122 فناًنا من أكثر من 26 دولة حول العالم، ويقدم للمتجولين بين هذا الزخم المتنوع والساحر تجربة فريدة ولحظات لا تُنسى.