نحن نعد شيئًا رائعًا من أجلك.

اﻟﺼﺤﺮاء .. ﺗﺎرﻳﺦ ﻋﺎﺷﻪ اﻟﺈﻧﺴﺎن وﻟﻢ ﻳﻜﺘﺐ ﺣﺘﻰ اﻟﺂن
إطلالة

اﻟﺼﺤﺮاء .. ﺗﺎرﻳﺦ ﻋﺎﺷﻪ اﻟﺈﻧﺴﺎن وﻟﻢ ﻳﻜﺘﺐ ﺣﺘﻰ اﻟﺂن

اﻟﺼﺤﺮاء .. ﺗﺎرﻳﺦ ﻋﺎﺷﻪ اﻟﺈﻧﺴﺎن وﻟﻢ ﻳﻜﺘﺐ ﺣﺘﻰ اﻟﺂن
بقلم ﻫﺎﺷﻢ اﻟﺠﺤﺪﻟﻲ
October 20th, 2021

تحتلُّ الصحراء مساحة كبيرة في حياة الإنسان العربيّ، معاشًا وذاكرة. وعلى مدى آلاف السنين تشكلت ثقافة عيش تكيفت مع ظروف هذه البيئة المستبدّة، وتفاهمت معها، وأنتجت أسلوب حياة وثقافة تعايش، حفظت الذاكرة الشعريّة العديد من ملامحها، من العصور الأولى، نتذكر منها .. هنا،

وبَيْدَاءَ قَفْرٍ كَبُرْدِ السَّديرِ - مشاربُها داثِـرَاتٌ أُجُنْ الأعشى

وكم دونـها مـن مَهْمَهٍ ومَفَازَةٍ - وكم أرْض جَدْبٍ دونها ولصُوصُ أمرؤ القيس

مَهَامِهِ مَوْمَاةٍ من الأرضِ مَجْهَل - تداعَى على أعلامِهِ البومُ والصَّدَى أمرؤ القيس

أما الأحبةُ فالبيداءُ دونـهمُ -- فليت دونَكَ بِيدًا دونها بِيدُ المتنبي

وحتى جاء الشاعر محمد الثبيتي

وقال:
"سَتَمُوتُ النُّسُورُ التي وَشَمَتْ دَمَكَ الطفلَ يوماً
وأنتَ الذي في عروقِ الثرى نخلةٌ لا تَمُوتْ
مَرْحَباً سَيَّدَ البِيدِ ..
نَّا نَصَبْنَاكَ فَوقَ الجِرَاحِ العَظِيمَةِ
حَتَّى تَكُونَ سَمَانَا وصَحْرَاءَنَا
وهَوانَا الذِي يَسْتَبِدُّ فَلاَ تَحْتَوِيهِ النُعُوتْ"

وقال أيضاً:

"هذا بعيري على الأبواب منتصبٌ
لم تعش عينيه أضواء المطاراتِ
وتلك في هاجس الصحراء أغنيتي
تهدهد العشق في مرعى شويهاتي
أتيت أركض والصحراء تتبعني
وأحرف الرمل تجري بين خطواتي"

للصحراء وذاكرتها وإنسانها ومكامن الجمال والحياة فيها، في اسمين أخلصا تمامًا تجربتين في التعامل مع مكونات الصحراء وعناصرها، بهاء تجلي الصحراء فيها نادرة جدًّا، ويمكن استجلاء أهم النصوص السرديّة، بل إن النماذج التي يمكن الرهان على كل الأزمنة، لم يقابله حضور موازٍ بنفس الحظوة في ولكن هذا الحضور الكثيف في النصوص الشعريّة على مدى

وهما الروائيّان عبد الرحمن منيف وإبراهيم الكوني

التغيير ومحطات الانتقال وجذور الإنسان فيها. العصر الجاهلي وحتى الآن ـ وحاول القبض على مفاصل جسّدت عنصرًا أساسيًّا في الذاكرة الشعريّة والشفويّة منذ فمنيف كتب وغاص عميقًا في الصحراء التي نعرفها ـ التي

ذاكرة الصحراء الكبرى، حيث الميثولوجيا أقوى من كل شيء. بينما الكوني قد مضى بعيدًا وهو يستلهم أساطير وعناصر

وباستعادةٍ لحضور أجواء الصحراء في تجربة منيف، نجده أعاد صياغة تجليّات الصحراء بين ما هو ماضويّ وبين ما هو معاش حاليًّا، مبينًا في الوقت نفسه أن الصحراء مثلما هي قحط شبه مطلق.

كما كتب في "النهايات" قائلا: "إنه القحط؛ القحط مرة أخرى، وفي موسم القحط تتغير الحياة والأشياء، وحتى البشر يتغيرون، وطباعهم تتغير، تتولد في النفوس أحزان تبدو غامضة أول الأمر، لكن لحظات الغضب ـ التي كثيرًا ما تتكرر ـ تفجرها بسرعة تجعلها معادية جموحًا، ويمكن أن تأخذ أشكالًا لا حصر لها، أما إذا مرت الغيوم عالية سريعة فحينئذ ترتفع الوجوه إلى أعلى، وقد امتلأت بنظرات الحقد والشتائم والتحدي".

إلا أنّ الحياة ممكنة فيها من خلال مجتمعات العيون التي تزدهر فيها بشكل ملفت مقومات الحياة المحتملة.

"؟اذه لثم ناكم يف ةرضخلاو هايملا ترجفنا فيك :بجعتلا مث ،لؤاستلا ىلإ عفدنيف ،رهبنيو ناسنإلا راحيل ىتح ،ةلص ةيأ اهلوح ام نيبو اهنيب سيل ىرحألاب وأ ،اهلوح ام لك نع فلتخت يهف ،ءامسلا نم تطقس وأ ،ضرألا نطاب نم ترجفنا اهنّأكو ،ءارضخلا ةعقبلا هذه قثبنت ةيساقلا ءارحصلا طسو ةأجف" "حلملا ندم" يف بتك امك

."قوزرم لايتغاو راجشألا"و "تاياهنلا"و "حلملا ندم" ةيسامخ ،اذه دسجت امك ،ريبك نايغطب ءارحصلا ترضح باجعإلاو ةشهدلل ةريثم لامعأ ةدع ربعو

.ةديحولا ةايحلا يه نوكت نأل هدنع لصت لب ،طقف ةايح ةئيب وأ اطًيحم تسيل يهف ،اهملاوع يف اصًوغ رثكأو ،ةرازغ رثكأ ينوكلا ءارحص نإف لكشلا اذهب فينم ءارحص تناك اذإو

.ةقيمع ةيناحور ىؤرو ةحلم سجاوهو ةقيمع تالمأت يف ةرضاح اهلك دوجولا ةلئسأ دجن ،خيراتلا ربع ضرألا نم ةعقبلا كلت يف ناسنإلا ةريس اهترطس يتلا ايجولوثيملل ايًّغاط ارًوضح دجن ءارحصلا ملاوعل هتجلاعمو ينوكلا ةيؤر يف

.ضرألا ىلع يّناسنإلا قلخلا نوكت لحارم نم ةيّساسأ ةطحم ءارحصلا عضي ينوكلاف

."حابصلا ىتح اتًباث ىقبيف وه امأ ،بيغتو اهناكم لدّبتو لقّنتتو لوحتت موجنلا لك ."يديإ" مجنب ءالخلا يف هئاتلا يدتهي امك ،ايندلا ءارحص يف يودبلا اهب يدتهي يتلا رانلا وه بلقلا .سانلا مهف يف سانلا رشاعي مل نم ليلد بلقلا" :"رجحلا فيزن" يف بتك امكو

الطريق الصحيح، بل إلى الطريقة الصحيحة في الحياة. نجده يضع قلبه مثل النجوم لابن الصحراء دليلًا، ليس على

وأكد هذه الرؤية في "المجوس" حين كتب قائلًا:

إلى المذبح". عشب.الراعي الذي يغوي القطيع بهذه الحيلة يقوده،عادة، يقينًا، إلى مراعي الكلأ ما دام يتحايل عليها بربطة عناء التساؤل عن نوايا هذا الراعي، ولا تعرف أنّه لن يقودها، الراعي الذي يستدرجها بحزمة عشب، ولا تكلف نفسها عادة "أن الناس مجرد قطيع من الأغنام البائسة، تمشي خلف

قراءات وقراءات. تفاصيلها ورصد ملامحها في قراءة واحدة، بل تحتاج إلى الصحراء واستعادة حياتها وتاريخها، فإنه لا يمكن حصر ولأن أعمال الكوني كلها أو أغلبها تنصب في سبر عوالم

الاستشراقيّة لعوالم الصحراء كما رآها العقل الغربي. الإنسانيّ والتاريخيّ العميق لها، هذا غير إعادة قراءة الرؤى وفلكلوريًّا، وتحتاج إلى دراسات عميقة لكشف هذا الثراء فالصحراء عالم رحب جدًّا ثقافيًّا وإنسانيًّا وإبداعيًّا وفنيًّا

بقلم: هاشم الجحدلي

إعادة تعيين الألوان