الجَمال في الأنعام
لوحة الإبل الشهيرة للفنان السعودي فهد النعيمة
فهد النعيمة فنان سعودي رائد، ارتقى بالعلاقة النمطية بين المملكة العربية السعودية والإبل إلى آفاق إبداعية جديدة، إذ حقق جمله المرح بألوانه المتباينة غايته، ليصبح سفيرًا ثقافيًا، لأمة يُعدُّ التنوع سمة من سماتها.
وقد وُلِد النعيمة ونشأ في ضرما، وهي منطقة صغيرة غرب الرياض، فيما قد يعتبره البعض تجربة بدوية سعودية نمطية، حيث نشأ محاطًا بالإبل والخيل والغنم والنخيل والرمال على مد البصر. ولكنه، على الرغم من ذلك، امتلك نظرة نمطية للعالم المحيط به، فكان يرى الفن في كل شيء، ودائمًا ما كان يعبر عن نفسه منذ الصغر من خلال الرسم والتصوير والفن بشكل عام. وقد قال في مقابلة مع مجلة (إثرائيات): "كنت منذ صغري أرسم الأشياء المعتادة التي أراها حولي، كنت أرسمها كما كانت تمامًا وبأقصى درجة من الواقعية يمكنني تحقيقها، النخيل، والإبل، والغنم، وأي شخص يقبل أن يُرسم".
التلاعب بالمرئيات: الإبل كما تُرى من مسافات وزوايا مختلفة - لوحة للفنان فهد النعيمة
وبعد المدرسة، ومع أنه أدرك أن احتراف الفن سيكون خيارًا أصعب يمضي به في درب لم يطأه الكثيرون، فقد شعر أنه الخيار الحقيقي الوحيد المتاح أمامه، وهذا هو ما حسم خياره. ومن هنا فقد درس بلا كلل أو تعب، وحضر عروضًا وورش عمل، وشارك بكل صفة أمكنه المشاركة بها، وعمل دائمًا على شحذ مهاراته وصقلها. وتنقل فهد خلال ذلك عبر جميع المدارس الفنية، وتعمق في دراسة فن عصر النهضة ونسخ منه وقلده مرارًا وتكرارًا، ولكنه بعد ذلك بفترة وجيزة تبنى أسلوب الانطباعية، وخاصة الأسلوب التجريدي.
ويقول فهد عن ذلك: "لقد ترك بيكاسو وفان جوخ في نفسي أثرًا عميقًا، حيث كانوا مصدر الإلهام للعديد من لوحاتي. ولكني بعد ذلك أدركت أنني أرغب في التحول إلى أسلوب أكثر حداثة، أردت أن أكون أقل حرفية وأكثر تجريدًا، وأن أطبق الأساليب الحديثة على الموضوعات التقليدية".
يعبر فهد في هذه السلسلة عن جوهر الإبل وفي الوقت ذاته يرسمها بأكثر صورة تجريدية يقدر عليها، وهنا تظهر النتائج واضحة لا تحتاج إلى تفسير، حيث تبرز رسوماته في الذهن بصورة مفاجئة وتحتل محور التركيز. ونتيجة لذلك فهناك لوحات مختلفة رسم فيها جماله التي تمثل علامته المميزة تحتل صدور جدران مكاتب ومنازل دبلوماسيين ومسؤولين ممن أرادوا امتلاك شيء يرمز للمملكة وفي الوقت ذاته يتسم بالفرادة ويبتعد عن الصورة النمطية المعتادة للإبل. وليس ثمة شك أن رؤية شيء يرتبط بالمملكة بصورة نمطية مثل الجمل يتم تقديمه بأساليب تبلغ في جمالها مستوى غير متوقع هو أمر سار ومشجع، ونأمل أن نرى المواهب الوطنية الرائعة مثل النعيمة تقدم المزيد. ويقول النعيمة تعليقًا على ذلك: "لقد تسارعت وتيرة النمو الفني في المملكة في السنوات الأخيرة، وأصبحت المواهب الوطنية تحظى بدعم أكبر بكثير، مما يعني أن بإمكان الجمهور في المملكة أن يتطلع لرؤية المزيد والمزيد".
الفنان فهد النعيمة مع جمله الشهير