نحن نعد شيئًا رائعًا من أجلك.

الخيل: ما لم يقله الشعراء بعد.
كنوز عربية :

الخيل: ما لم يقله الشعراء بعد.

الخيل: ما لم يقله الشعراء بعد.

الخيمة العربية، بريشة السير إدوين هنري لاندسير (1802–1873)، حوالي عام 1865–1866. زيت على قماش. مجموعة والاس، لندن. الصورة بإذن من Artvee

بقلم روان طلال
June 30th, 2025
مُفدّاةٌ مُكرَّمةٌ علينا.. يجاعُ لها العيالُ ولا تُجاعُ
عبيدة بن ربيعة التميمي

يمكننا قول الكثير عن علاقة الإنسان العربي بالخيل.. لم تكن علاقة نفعية تقتصر على التنقل، أو الاستخدام في أثناء الحرب، بل علاقة شفيفة تملؤها العاطفة، فالخيل رفيقة درب العربي، ومرآةٌ تعكس هويته وأهمّ قيمه: الشجاعة، والكرم، والأنفة، والأصالة. في الصحراء سَرقت قلب البدو العرب الرحل بجمالها ورشاقتها وسرعتها وذكائها بجانب وفائها وقدرتها على التحمل، فكانت خيامهم مأوى لها، ويبيت الرجل منهم طاويًا ويشبع فرسه ويؤثره على نفسه وأهل بيته. فكيف بدأت علاقة العرب بخيولهم؟ 

 

بحسب ما ورد في كتب المؤرخين، فإنّ أصل الخيل العربية تعود إلى خيل إسماعيل، عليه السلام. ويروي محمد بن عبد القادر الجزائري في كتابه "نخبة عقد الأجياد في الصافنات الجياد" بسنده عن الزبير بن بكار من حديث داود بن الحسين عن عكرمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "كانت الخيل وحوشًا لا تُركب، فأول من ركبها إسماعيل، فلذلك سمّيت العراب". وقد وردت الخيل في آيات قرآنية وأحاديث نبوية عديدة في دلالة على علو قدرها، ومنها قسمه -عزّ وجلّ- بالخيل في سورة العاديات: {والعادياتِ ضبحًا، فالمورياتِ قدحًا}. وقول رسول الله، صلّى الله عليه، وسلّم: "الخيلُ معقودٌ في نواصيها الخيرُ إلى يومِ القيامة". 

 

 

وفي الشعر العربي قديمه وحديثه، كانت الخيل حاضرةً رمزًا للفخر والشجاعة، والكرم والنسب، والوفاء والتضحية، والهوية والانتماء. تغنّى بها شعراء كثر، وعلى سبيل الذكر لا الحصر، في معلقته يقول امرؤ القيس: 

"مِكرٍّ مفرٍّ مقبلٍ مُدبِرٍ معًا 
كجلمودِ صخرٍ حطّهُ السيلُ من علِ".  

كما قال المتنبي مفاخرًا بنفسه: 

"الخيلُ والليلُ والبيداءُ تعرفُني
والسيفُ والرمحُ والقرْطاسُ والقلَمُ". 
 

وخاطب عنترة بن شداد حبيبته عبلة قائلًا: 

"هلّا سألتِ الخيل يا ابنةَ مالكٍ 
إنْ كُنتِ جاهلةً بما لم تعلمي
يُخبرْكِ مَن شهدَ الوقيعةَ أنَّني
أغشى الوغى وأعفُّ عندَ المغنمِ".

وانعكاسًا للعلاقة الحميمة ما بين الفارس وخيله، قال مالك بن الريب: 

"تذكّرتُ مَن يبكي عليّ فلم أجدْ 
سوى السيفِ والرمحِ الردينيِّ باكيا
وأشقرَ محبوكًا يجرُّ عنانَه
إلى الماءِ لم يتركْ لهُ الموتُ ساقيا".

وفي العصر الحديث يقول أمل دنقل في قصيدته “”الخيول:

"الفتوحاتُ في الأرضِ مكتوبةٌ بدماءِ الخيولْ 
وحدودِ الممالكْ
رسمَتها السنابكْ
والركابانِ: ميزانُ عدلٍ يميلُ مع السيفِ 
حيثُ يميلْ". 
 

وفي جمال الخيل قال خالد الفيصل: 

"من بنات الريح لي صفرا جفول
كنّها ظبي الفلا بجفالها
منوة الخيّال عساف الخيول
زينها في دقها وجلالها".

أُدرجت الفروسية في دورة الألعاب الأولمبية لعام 1900، لكنّها مرّت بمسار طويل من التطور التاريخي قبل ذلك، بدأ الأمر بحاجة إلى ركوب الخيل في التنقل والحروب، ثم ارتباطها بالوجاهة والنبل، ما جعلها جزءًا لا يتجزأ من ثقافة الأسر المالكة في العالم، وصولًا إلى جعلها نشاطًا تُنظمه قواعد تنافسية.

ليومنا هذا يُعدّ الخيل العربي رمزًا خالدًا في الثقافة العربية، مجسدًا لقيم عليا، ومصدر إلهام لكل ماله علاقة بالفن. أمّا الفروسية، التي تُمارس على نطاق واسع من الهواة والمحترفين حول العالم، فتمثل مزيجًا من الفن، والانضباط، والتحدّي البدني. 
 

إعادة تعيين الألوان