فن الحركة
سلسلة الألعاب الأولمبية، كرة السلة بريشة هانس إرني، 1983. من مجموعة: المتحف الأولمبي، ومنشورة على منصة Google Arts & Culture.
تجسيد الحركة في الفن يعد تحديًا بحد ذاته.
قلة هم الفنانون الذين استطاعوا خلق لحظات حيوية تمجد الحواس، لكن التميز بلا شك يعود إلى الأسطورة ليوناردو دافنشي. في لوحته التشريحية الشهيرة "الرجل الفيتروفي" التي رسمها عام 1510، قام بدراسة الحركة بدقة علمية فائقة، وجسّد في خطوطه وقفة لاعب جمباز في لحظة مجمدة تخلد جمال الأداء الرياضي ورشاقته.
في مجال الرياضة، يُعد اكتشاف فنانين يتناولون عناصر الحركة والجوهر الديناميكي للرياضة بمناهج فنية مبتكرة أمرًا رائعًا يثري المشهد الفني. أبرز هؤلاء الفنانين هو الإيطالي أمبرتو بوتشيوني، الذي رفض عمدًا الأساليب التقليدية، وابتكر أعمالًا حديثة وجريئة، مثل لوحته "ديناميكية لاعب كرة القدم".
لوحة "ديناميكية لاعب كرة القدم"، للفنان أومبرتو بوتشوني. التاريخ: 1913. الوسيط: زيت على قماش. الأبعاد: 6 أقدام و4⅛ بوصات × 6 أقدام و7⅛ بوصات (193.2×201 سم). المصدر: مجموعة سيدني وهارييت جانيس. الجهة الناشرة: متحف الفن الحديث.
تجرأ العديد من الفنانين على إضفاء نبضات الحركة والحيوية على أعمالهم الفنية، من بينهم الفنان السويسري المعروف هانس إرني (1909–2015)، الذي عمل مصممًا غرافيكيًّا، ورسامًا، ومصوّرًا، ونقاشًا، ونحاتًا. لقد جسّد إرني روح الألعاب الأولمبية في أعماله الفنية، حتى إنّ بعض هذه الأعمال نُقشت على ميداليات أولمبية، أبرزها ميدالية الذهب في كرة السلة للألعاب الأولمبية الصيفية عام 1992، التي مُنحت لفريق الرجال الأمريكي المعروف بـ"فريق الأحلام".
من خلال تراكب المناظير المجزأة، وضربات الفرشاة المتقنة، نرى في هذا العمل الفني الذي يبرز كرة السلة كيف حوّل إرني القماش إلى ملعب، ملتقطًا تلك اللحظة التي تحبس الأنفاس حين ينفجر اللاعبون صعودًا، أو عبر الملعب لرمية البداية.
فن الحركة مدين أيضًا بتطوره لتطور فن آخر: التصوير الفوتوغرافي. بدأ إدوارد مايبريدج حياته المهنية بالتقاط صور للطبيعة والهندسة المعمارية في المملكة، لكنه صنع اسمه في التاريخ من خلال ثورته في فهم الحركة. في عام 1872، كُلف من قبل مالك حصان سباق لحسم جدل محتدم: هل تترك جميع حوافر الحصان الأرض في الوقت نفسه في أثناء الجري؟ كان حل مايبريدج العبقري هو استخدام صف من الكاميرات التي تُشغّل تلقائيًّا في أثناء مرور الخيول، الأمر الذي لم يثبت فقط أنّ الحصان يحلق في الهواء في أثناء العدو، بل غيّر أيضًا الطريقة التي نروي بها القصص بصريًّا.
إدوارد مايبريدج، اللوحة رقم 599، "دوسيل" يمشي بخطى ثابتة، بدون سرج، من 1872 إلى 1885 / مطبوعة عام 1887. المصدر: artsy.net، والفضل لـ Robert Koch Gallery.
الصور المتتابعة لإدوارد مايبريدج — التي تحولت إلى حركة من خلال اختراعه "الزوبراكسي سكوب" — خلقت وهم الحركة، وأسست لقيام السينما الحديثة، ما جعله المؤسس غير المتوقع لصناعة الأفلام المتحركة. مثل هذا الإنجاز الفاصل نقل التصوير الفوتوغرافي من كونه وسيلة لالتقاط لقطات ثابتة إلى وسيط ديناميكي قادر على تجميد الزمن ذاته وتحليله.
الخطوة السريعة: لوحة من سلسلة "الحيوانات في الحركة"، الولايات المتحدة، 1887 بوساطة إدوارد مايبريدج. الحقوق محفوظة لمكتبة المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعة (AMNH).
إن التقاط أي لحظة حركة في الفن أو الصور يظل فنًّا حقيقيًّا من فنون الإبداع، ولقد أصبح ذلك متاحًا وسهلًا مع تطور التكنولوجيا، إلّا أنّ أصل استكشاف الإنسان للحركة يظل هو الأسمى والأهم.
