نحن نعد شيئًا رائعًا من أجلك.

التُّراث مرآة الحضارات
A-
A+
لقاء خاص

التُّراث مرآة الحضارات

التُّراث مرآة الحضارات

ثياب سعودية تقليدية في مجلس سكني تقليدي، القَط العسيري ظاهر في الخلف، بإذن من  بإذن من هيئة التراث، وزارة الثقافة.

بقلم غيداء المقرن
December 14th, 2023
التراث مهم لأنه يساعد في الحفاظ على الهوية الثقافية للمجتمعات وتعزيز التنوع والحوار بين الثقافات. ويوفر التراث الثقافي غير المادي أيضًا شعورًا بالانتماء للمجتمع، ويساعد على تعزيز التفاهم والاحترام والحوار المتبادل.
الدكتور جاسر سليمان الحربش، الرئيس التنفيذي لهيئة التراث.
الدكتور جاسر سليمان الحربش، الرئيس التنفيذي لهيئة التراث.

يشمل التراث أوجهًا عديدة، فهو لا يقتصر فقط على الجوانب المادية الملموسة، أو الحِرف اليدوية والممارسات الشعبية؛ بل يشمل أيضًا على العادات والتقاليد. المملكة العربية السعودية غنيّة بالتراث، وفيها مجموعات ناشطة في هذا المجال، وعدد المهتمين به في ازدياد، مما يجعلها أرضًا خصبة لتوظيف التراث الوطني ليس، كمنتج ثقافي فقط، بل كمنتج اقتصادي يسهم في الناتج المحلي الوطني، ويتيح المزيد من فرص العمل. دور هيئة التراث هو خدمة التراث الوطني وصيانته وتطوير استثماره وفق أفضل الممارسات العالمية، لما يمثله من رمزيّة حضاريّة وهويّة وطنيّة، إضافةً إلى العمل على نمو الوعي الاجتماعي تجاه ضرورة العناية بالتراث ورعايته. هيئة التراث هي النافذة التي من خلالها يتم التعريف بقطاع التراث، لحثّ المجتمع على تطويره وتأهيله والاستفادة منه، فهي تعمل بشكل تكاملي مع الفاعلين والناشطين في مجال التراث من الأفراد والمؤسسات في مختلف مناطق المملكة، وقد أنتجت إنجازات ملموسة.
الدكتور جاسر سليمان الحربش لديه خبرة طويلة في مجال الحرف والثقافة السعودية، فقد أشرف على البرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية، وعمل وكيلًا لوزارة التعليم للبعثات، ومشرفًا عامًا على الملحقيات الثقافية السعودية، كما تقلد منصب الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالقصيم قبل منصبه الحالي كرئيس تنفيذي لهيئة التراث، والتي تهدف إلى تنمية الممتلكات التراثية بالمملكة بشكل فعال، وتعزيز الأنشطة البحثية ذات العلاقة بالتراث الوطني. فلننهل من بحر خبرته في هذا المجال:
مقابلة مع الدكتور جاسر سليمان الحربش، الرئيس التنفيذي لهيئة التراث:
 

ما هو التراث غير المادي بشكل عام؟ ولماذا هو مهم؟

يقصد بعبارة "التراث الثقافي غير المادي" الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات - وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية - التي تعتبرها المجتمعات والمجموعات، وأحيانا الأفراد، جزءا من تراثهم الثقافي. وهذا التراث الثقافي غير المادي المتوارث جيلًا عن جيل، تبدعه المجتمعات والمجموعات من جديد بصورة مستمرة بما يتفق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة وتاريخها، وهو ينمي لديها الإحساس بهويتها والشعور باستمراريتها، ويعزز بالتالي احترام التنوع الثقافي والقدرة الإبداعية البشرية. وهو مهم لأنه يساعد في الحفاظ على الهوية الثقافية للمجتمعات وتعزيز التنوع والحوار بين الثقافات. ويوفر التراث الثقافي غير المادي أيضًا شعورًا بالانتماء للمجتمع، ويساعد على تعزيز التفاهم والاحترام والحوار المتبادل.
 

 بإذن من هيئة التراث، وزارة الثقافة.
*ما هي أهم عناصر التراث غير المادية في السعودية، وأي منها يجري إحياؤه أو توثيقه وإضافته إلى اليونسكو في مجال التراث غير المادي؟

جميع عناصر (التراث الثقافي غير المادي) الممارسة من قبل المجتمعات المحلية لها أهمية عالية لدينا، حيث نعمل في هيئة التراث على حصر وتوثيق جميع عناصر التراث غير المادي، من خلال مشاريع الحصر والتوثيق الميدانية، وكذلك نعمل على الترويج والتعزيز لها من خلال الأنشطة وفعاليات التراث الثقافي، كما نعمل على الاهتمام المكثف للعناصر المهددة بالاندثار، من خلال برامج الصون والحماية، والتي تشرف عليها الإدارة العامة للتراث غير المادي في هيئة التراث.
وقد برز اسم المملكة دوليًا في مجال التراث غير المادي من خلال تسجيلها (11) عنصرًا في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى منظمة «اليونسكو» من ضمنها: النخلة، والمجلس، والقهوة العربية، والسدو، والعرضة السعودية، والبن الخولاني السعودي، وحداء الإبل. كما تميزت المملكة بقيادتها الفريدة في هذا المجال، وأفادت منظمة اليونسكو بمشاركة خمس عشرة دولة عربية في ملف"الخط العربي"، حيث اعتبرت منظمة اليونسكو بأن عنصر "الخط العربي" مثال ممتاز ونموذجي للتعاون بين العديد من الدول، وتعمل هيئة التراث كل عام على ترشيح عناصر جديدة على القائمة التمثيلية لصون التراث الثقافي غير المادي لدى منظمة اليونسكو.
 

 بإذن من هيئة التراث، وزارة الثقافة.
هل يمكننا معرفة المشاريع الماضية والمستقبلية التي تقوم بها هـيئة التراث في مجال التراث غير المادي؟

بكل تأكيد، منذ أن تأسست هيئة التراث في فبراير 2020م، وهي تتولى مسؤولية تنظيم قطاع التراث في المملكة وتطويره والنهوض بمقوماته ودعم وتشجيع الممارسين فيه، وقد أنشأت إدارة متخصصة للإشراف على قطاع التراث غير المادي ضمن الهيكل التنظيمي لهيئة التراث تدعم بدورها مختلف الأوجه الهادفة إلى الحفاظ على التراث غير المادي بالمملكة، ومن أبرز مشاريعها المستمرة لصون وحماية التراث الثقافي غير المادي هي:

• العمل على إعداد التقرير الدوري لاتفاقية 2003 لصون التراث الثقافي غير المادي، والذي تتعهد الدول بتسليمه كل 6 سنوات لمنظمة اليونسكو، لتقيّم حالة التراث الثقافي غير المادي بشكل عام، والمدرجة على القائمة التمثيلية لصون التراث الثقافي غير المادي لدى منظمة اليونسكو، ويعتبر هذا التقرير أحد متطلبات اليونسكو الرئيسة من الدول المصادقة على الاتفاقية، حيث تم تنفيذ ورش عمل تجمع أصحاب المصلحة بالتراث الثقافي غير المادي في المملكة، لمناقشة الجهود المبذولة في المحافظة على التراث الوطني وصونه، و قد تميزت المملكة باستخدام منهجية مثالية في إعداد التقرير الدوري، مما دعا منظمة اليونسكو إلى أن تعمم هذه المنهجية بين الدول الأخرى و الاحتذاء بما قدمته المملكة في التقرير الدوري.

 


 

• تنظيم ورشة عمل (بناء القدرات في مجال حصر وتوثيق التراث غير المادي) والموجهة لمنسوبي منظومة الثقافة والمهتمين.

• مشروع حصر وتوثيق الرياضات والألعاب الشعبية لجمعها وحصرها وحفظها من الضياع، عبر توثيقها وفق أفضل الطرق العلمية والمنهجية والفنية، حيث تعتبر الرياضات والألعاب التقليدية مزيج من الثقافة والرياضة والعادات الموروثة والتقاليد الاجتماعية السائدة.

ومن أبرز المشاريع المستقبلية لهيئة التراث ممثلة بالإدارة العامة للتراث غير المادي في المشاريع الحالية والمستقبلية لصون التراث غير المادي، هي:

• ترشيح ملفات للمملكة العربية السعودية سواءً وطنية أو مشتركة مع دول أخرى على قوائم التراث الثقافي غير المادي لدى منظمة اليونسكو.

• مشروع سجل لحصر وتوثيق عناصر التراث غير المادي، والذي يركز على حصر عناصر التراث الثقافي غير المادي في كافة مناطق المملكة العربية السعودية ومحافظاتها، ويشمل ذلك كافة الممارسات التي تعتبر جزء من التراث الثقافي المتوارث جيلًا بعد جيل، مما ينمي ويعزز الاحساس بالهوية الوطنية لدى المجتمع، ويعزز احترام التنوع الثقافي فيه والقدرة الإبداعية لديه.

 

 

• مشروع إنشاء دليل إرشادي لأصحاب المصلحة عند إشراك المجتمعات المحلية في الأنشطة؛ لرفع جودة الأداء في القطاع، وخلق وعي لدى الجمهور، ونشر التراث، ووضع الأنظمة واللوائح المناسبة وإصدار الرخص وتقديم التسهيلات للشركاء في القطاع.

• مشروع رصد التراث غير المادي البحري، وذلك لزيادة نسبة السكان ذوي الوعي المرتفع بالتراث الوطني، مما سيساهم في تفعيل التراث الثقافي غير المادي، وسيساهم هذا المشروع في إعادة إحياء استخدام السفن الشراعية؛ وتفعيل الممارسات المرتبطة بالتراث غير المادي البحري.

• مشروع بناء خطة تطويرية بهدف رفع الوعي بالتراث غير المادي، لتنفيذ مبادرة وطنية توعوية، ستكون الأولى من نوعها تستهدف منسوبي وزارة الثقافة والمواطنين والمقيمين على مستوى المملكة، لرفع الوعي وإشراك المجتمع المحلي في فهم وحفظ وصون وتوثيق وترويج التراث الثقافي غير المادي.
 

ما هي بعض الطرق لإلهام الشباب لتعلم وإتقان التراث غير المادي؟

تتمثل إحدى طرق إلهام الشباب لتعلم وإتقان التراث الثقافي غير المادي في إشراكهم في الحفاظ على التراث واستمراريته. ويمكن القيام بذلك من خلال إشراكهم في الأنشطة والمهرجانات الثقافية وتدريبهم على الحرف والصناعات التقليدية من خلال البرامج التثقيفية والتعليمية، بالإضافة إلى ذلك؛ فإن توفير الفرص للشباب للتواصل مع كبار السن والتعلم منهم هو وسيلة رائعة لإلهام الشباب للتعلم وإتقان التراث الثقافي غير المادي. علاوة على ذلك، فإن تقديم حوافز مثل التقدير والجوائز والاعتراف العام بالإنجازات، يمكن أن يكون أيضًا وسيلة فعالة لتحفيز الشباب على المشاركة في الحفاظ على التراث الثقافي غير المادي ومواصلته.


نشكر الدكتور جاسر لمشاركتنا رؤيته وحكمته في الحفاظ على تراثنا ومستقبله.
 

العرضة السعودية. بإذن من هيئة التراث، وزارة الثقافة
إعادة تعيين الألوان