نحن نعد شيئًا رائعًا من أجلك.

ذاكِرَةُ العَبَق
A-
A+
زوايا فنيّة

ذاكِرَةُ العَبَق

ذاكِرَةُ العَبَق

"إرث IRTH" ، الجناح الوطني السعودي في الدورة الثامنة عشرة لمعرض العمارة الدولي – بينالي البندقية، 2023، حقوق الصور Venice Documentation Project (مشروع البندقية للتوثيق). بإذن من وزارة الثقافة.
 

بقلم نورة الداعج
December 14th, 2023
قمنا بتصميم (عبق) السعودية بمزيج بين التقاليد والابتكار، لخلق بصمة أو ذاكرة ينظر إليها كل زائر بصورة فريدة
– القائمين على الجناح الوطني السعودي.
هل للعبَق أن يعزّز الإحساس بجوهر البناء في تراثنا؟


على الرغْم من تعالي مياه البندقية وكثافة رطوبتها الباعثة على استشعار ضباب الشتاء مقابل رياح الصيف؛ يأتي دفئ "إرث IRTH" لاستنشاق فِكر بينالي هذا العام "مختبر المستقبل" بمرونة تروي العقول. حيث يشارك الجناح الوطني السعودي في الدورة الثامنة عشر لمعرض العمارة الدولي في بينالي البندقية، عبر تجربة تفاعلية تم تصميمها على يد المعماري والمصمم البراء صائم الدهر، إلى جانب القيّمتين الفنيّتين: بسمة بوظو، ونورة بوظو، والقيّميين الفنيين المساعدين: جوهرة لو بابلت، وسيريل زاميت.

يحلّل معرض "إرث IRTH" الأوجه الأنثروبولوجيّة والتاريخيّة لفنون العمارة، ببيانٍ مغزاه: استطلاع الماضي والحاضر من أجل استكشاف أحاجي المستقبل وحل معضلاته. تتولى هيئة فنون العمارة والتصميم الإشراف على الجناح الوطني السعودي - تحت مظلة وزارة الثقافة، بداخل قاعات الأسلحة بمجمّع "الأرسينالي" من 20 مايو ولغاية 26 نوفمبر 2023، للوصول إلى تصميم مسودّة مرنة يُبنى بها مستقبل الإرث بإلهام من ممارساته.

إذ تتيح تعددية وجهات نظر القيّمين؛ استقراء مفردات العمارة السعودية وفهم لبناتِها، عبر نافذة تلجُ إلى الأساس، وتعْبُر إلى حكمة الـــــ (لا مادي) استكشافًا لعلاقة البشر بمحيطهم، والتفاعل بطبيعيّة تعي الداخل والساحل على حدٍ سواء. وذلك ابتداءً بالطين كمادة بنائية وخامة للكساء المعماري، ووصولًا إلى سرديات مضمَّنة "لا مادية" تحدّد بها هُوية الفضاءات والأماكن والأشياء؛ بأسلوب فطري يرافق زوار "إرث IRTH" إلى رحلة تحقق استنتاجًا لأحاسيس مستقلة دون التأثير عليها نحو اتجاه معيّن.

كما تستمر متاهة"إرث IRTH" في اكتشاف ذاتها، باستعارة رؤى مجموعة من المعماريين والمكاتب المعمارية، ضمن حوار يدور حول المواد البديلة؛ وذلك لتقديم نظرة نحو المستقبل، عبر عدسة جوهرها الأصالة في شمولية تمكّن من تجربة ورؤية ولمس وشمّ وسماع لحظة من لحظات "إرثنا" - تعبق في المساحة المركزية الكبيرة في الجناح - بعطر صُمم خصيصًا للمعرض من زهر الخزامى واللبان والمر "أطياب تردّد صدى الثقافة والعادات العربية". في ختام يوم الثامن عشر من مايو، غادر ضيوف حفل الافتتاح وبرفقتهم هدية تذكارية لمعرض إرث (زجاجة صغيرة من هذا العطر الساحر وثلاث كرات من القرميد الناشر للعطر).

من هذا المكان العابق بالإرث، حوارنا مع الأختين القيّمتين على معرض "إرث IRTH" بسمة ونورة بوظو - بهدف تحليل أحجية "العبق"، وقراءة لمحات من خبايا رابطه الوثيق بالزمان:
 

"إرث IRTH"، الجناح الوطني السعودي في الدورة الثامنة عشرة لمعرض العمارة الدولي – بينالي البندقية، 2023، حقوق الصور Venice Documentation Project (مشروع البندقية للتوثيق). بإذن من وزارة الثقافة. 
ما هي رؤية الجناح السعودي لهذا العام؟

استجابة لموضوع معرض العمارة الدولي الثامن عشر "مختبر المستقبل"؛ بحثنا عبر الجناح الوطني السعودي في المواصفات المادية وغير المادية للمواد المستخدمة في العمارة السعودية. حيث تنطلق الرحلة التفاعلية عبر استكشاف محور "الأرض" من خلال اختبار مواردها العضوية.

يعتبر الاسم "إرث IRTH" ترجمة حرفية لكلمة عربية قد تعني الموروث أو الممتلكات الثمينة؛ وتلخّص رؤيتنا التقْيِميّة للجناح. حيث تحتوي المواد المقدمة في سياقها المعماري على نسيج من الحكايا المختزنة بداخلها، وتخبرنا عن ممارسات الأمم وكيفية استجابتهم للعالم من حولهم، كما أدركنا على نحو مماثل وجود إرث ديناميكي يقوم على جهد جماعي متواصل؛ من جانب المؤسسات والممارسين على مستوى المجتمعات.

أثناء دخول الزوار إلى الجناح السعودي، تحيط بهم تصاميم دراماتيكية تذكّر بالأقواس التقليدية، والتي صُنعت يدويًا من مزيج من التربة المحلية. وبعد التدقيق يدرك زوار الجناح بأن خامات الأرض التي تشكّل الأقواس قد تم ابتكارها بشكل أكثر دقة، إذ تم تصنيعها من خلال الطباعة ثلاثية الأبعاد لضمان بقائها على المدى الطويل، من خلال دمجها بمجموعة من المواد المحلية، إضافة إلى كون القطعة المركزية بمثابة شهادة أخرى على ذلك؛ حيث يشكّل العمل الفني الذي تمت طباعته بتقنية ثلاثية الأبعاد؛ نقطة انطلاق للجناح، بينما الآن في ختام البينالي فإنها تخدم غرضًا طويل الأمد بداخل البحر الأحمر، مما يضيف إلى الموائل البحرية، ويحفز نحو المزيد من تطوير أنواع التصميم.
 

ما الرابط الذي يجمع بين"إرث IRTH" والعبق؟

كانت تجربة العبق المقامة وسط الجناح، عبارة عن مزيج من الروائح الثقافية الفواحة التي جذبت الحشود نحو الجناح. لبناء هذا الإحساس بالحنين والارتباط؛ قمنا بتصميم (عبق) السعودية بمزيج بين التقاليد والابتكار، لخلق بصمة أو ذاكرة ينظر إليها كل زائر بصورة فريدة. استمر الزوار في العودة مرارًا من أجل إعادة استنشاق تلك الرائحة التي تمثل جوهر المكان "الذاكرة" حيث تبثّ بدورها "الحياة" في الهندسة المعمارية.
 

بإذن من وزارة الثقافة.
ما العلاقة بين العبق واللحظة؟

يحمل العطر في ثناياه لحظات لا يمكن التقاطها بالكامل بأي طريقة أخرى، يمكن للرائحة أن تعزّز علاقتنا بمواد البناء الخاصة بتراثنا. رائحة الأرض، والمواد الممتزجة بالأرض لتقويتها، عبق السكان... كلها تخلق ارتباطًا قويًا بتراثنا.
 

ما هي أفكاركم بشأن مستقبل العبق؟

يكمن مستقبل الرائحة في خلق تجارب تربط بين العوالم: المادّي والرقمي والحسّي. نحن نؤمن أنه سيتم إعداد روائح تلهِم التواصل والسلامة الحسّية والارتقاء المعرفي. هناك بالفعل منتجات تقنية جديدة للاستراتيجيات الشمية التي تساعد على تصور اللحظات الحسّية وإحيائها، من خلال أحدث الأبحاث والتكنولوجيا والتجربة الإنسانية.
 

ما هي ردة فعل الزوار حتى الآن؟

بينما نختتم "إرث IRTH" الجناح الوطني السعودي في بينالي البندقية للعمارة 2023، يغمرنا شعور بالفخر والاعتزاز لأننا قدّمنا عملنا وتلقينا تفاعلًا وردود أفعال هائلة، من جمهور متنوع جدًا. لم يتوقع معظم الزوار أن يعود الجناح السعودي إلى أبسط المواد "الأرض" فيما يتعلق بالهندسة المعمارية. لقد انبهروا بمعرفة أن رؤيتنا لمستقبل الهندسة المعمارية هي رؤية تعاونية؛ البناء على المواد الطبيعية، والتعلم  من مجتمعات الهندسة المعمارية في جميع أنحاء العالم حول كيفية خلط هذه المواد الصديقة للبيئة، وتطويرها لإنشاء لبنات بناء للمستقبل.
 

إثرائيات - المجلة مخزن للقصص المتميزة
إثرائيات - المجلة مخزن للقصص المتميزة

"إرث IRTH"، الجناح الوطني السعودي في الدورة الثامنة عشرة لمعرض العمارة الدولي – بينالي البندقية، 2023، حقوق الصور Venice Documentation Project (مشروع البندقية للتوثيق). بإذن من وزارة الثقافة.
 

إعادة تعيين الألوان