التائه
التائه: اللوحة الأصلية رسمها جبران سنة 1931 وهي فحمية بقياس 27.5X21.5 سم. بإذن من لجنة جبران الوطنية.
يعبر الوجه عن أشياء كثيرة، وغالبًا ما يكون أول وآخر شيء يتذكره المرء. إنّ الوجه لوحة تعكس حياتك، ابتداء بالتجاعيد العميقة الناشئة عن الابتسامة، إلى الخطوط التي تشكلت إثر القلق والعبوس، ووصولًا إلى البريق المتلألئ في عين المرء أو نقصه. فالوجه، في بعض النواحي، هو ما يعكس قصتك.
رسم الفنان القدير جبران خليل جبران، والمعروف بالإنجليزية باسم خليل جبران، لوحة التائه بشكل مدروس، فهل هي نظرة تأملية، وعينان مملوءتان بالعاطفة، أم هي نظرة كئيبة؟ أم وصل التائه إلى سلام مع مصيره المحتوم بالضياع؟
تكشف هذه القطعة الأخاذة، والتي تعود إلى تاريخ ١٩٣١ أهم التفاصيل المتعلقة بشخصية جبران، وفي السنة التي توفي فيها عن عمر يناهز ٤٨ عامًا، رسم لوحة لوجه تائه، مجسدًا بذلك رحلة حياته الطويلة كروح تائهة تبحث وتفتش في العالم حولها.
وكذلك بقي جبران حتى النهاية، الكاتب والفيلسوف والفنان، المتجول الفذ من يبحث دومًا بين العوالم والكلمات.
غالبًا ما تعمر القطع الفنية والكتابات لتعيش أكثر مِنْ صانعها. سيبقى جبران على قيد الحياة من خلال كتاباته وأفكاره ولوحاته، مادام هناك أشخاص يتحلَّون بالفضول، ويسعون لاكتشاف الماضي والحاضر وما قد يحمله المستقبل.
سأترككم مع إحدى قصائد الفنان القدير، والتي ستخبركم عن وجهة نظره فيما يتعلق بالوجوه.
"وجوه"
(رأيت وجهًا يظهر بألف مظهر. ووجهًا مظهره واحدًا أبدًا كأنما قد سُبك في قالب.
ورأيت وجهًا قرأت تحت طلاوته الظاهرة بشاعته المستترة، ووجهًا ما رأيت روعة جماله المحتجب حتى رفعت قناعه الظاهر.
ورأيت وجهًا شيخًا قد تجعَّد، ولكن على لا شيء، ووجهًا ناعمًا قد ارتسمت على ملامحه جميع الأشياء.
أنا أعرف الوجوه لأنني أنظر إليها من خلال ما ينسجه بصري فأرى الحقيقة التي وراءها ببصيرتي).
شكرًا لك يا جبران على كل ما تركته لنا لنفكر فيه مليًا.
ريم الغزال صحفية حائزة على عدة جوائز، وكاتبة، وسفيرة للسلام والثقافة، وراوية قصص تهوى التجوال.