نحن نعد شيئًا رائعًا من أجلك.

إحياء ذكرى أبواب الماضي
A-
A+
من الميدان -المجتمع

إحياء ذكرى أبواب الماضي

إحياء ذكرى أبواب الماضي

لوحة لباب أخضر تقليدي في جدة للفنانة خلود العمري، بإذن من الفنانة.
 

بقلم عبير النمري
July 15th, 2024
تُصنع الأبواب التقليدية في جدة وتصمم بشكل مشابه جدًا للأبواب التقليدية في جميع أنحاء المملكة والدول العربية الأخرى، ولكن ما يميزها عن غيرها هو بساطتها
- الفنانة خلود العمري

يلعب الفن دورًا محوريًا في المحافظة على التراث بجميع أشكاله وتوثيقه. أحد هذه الأشكال هو الهندسة المعمارية المميزة لمدينة جدة، عروس البحر الأحمر والواقعة في الجزء الغربي من المملكة العربية السعودية، والتي تم توثيقها جيدًا من قبل الفنانين والشعراء والكتاب الذين نشأوا فيها وتنفسوا سحرها. على سبيل المثال الرواشن (نوافذ خشبية ذات تصميم مميّز تشتهر بها منطقة الحجاز)، أصبحت عنصرًا متكررًا في أعمال معظم الفنانين الحجازيين المهتمين بتوثيق تاريخ وثقافة المنطقة، وخاصة جدة التاريخية، التي تضم بطبيعة الحال معالمها العمرانية الجميلة.
يسعدنا نحن فريق تحرير إثرائيات أن نقدم لكم أعمال الفنانة خلود العمري، والتي تسلط الضوء على جانب مختلف لمسقط رأسها: أبواب جدة التقليدية المبهرة.
 

لمحة عن رحلة الفنانة

تقول الفنانة خلود المتخصصة بالفنون الجميلة: "الفنُّ بالنسبة لي هو الملجأ. بتصوري إنه أداة مهمة للفنانين ليعبروا عن أفكارهم ومشاعرهم، وكذلك فرصة لعزل أنفسهم عن العالم، والهروب إلى عالم من الفرش والألوان".
تعرفت خلود على عالم الفن في وقت مبكر، وتتذكر قائلة: "لقد بدأ الأمر في مرحلة الطفولة، كما هو الحال عادةً مع معظم الفنانين، لقد أحببت الرسم والتلوين أثناء حصص المادة الفنّية في المدرسة، وهو نشاط استمتعت بممارسته حتى في أوقات فراغي وفي العطلات الصيفية."
في الكلية حوّلت خلود هوايتها الفنية إلى مشروع أكثر جدية. وبمجرد تخرجها، أصبحت أكثر نشاطًا في المسابقات الفنية وعرضت أعمالها في المعارض الفنية والمعارض المحلية والدولية، ومن بينها مهرجان الإبداع للفنون البصرية بشرم الشيخ عام 2016، وندوة جدة عام 2019، ومعرض (من الأرض) بإثراء عام 2023.
 

لوحة لباب تقليدي أزرق في جدة للفنانة خلود العمري، بإذن من الفنانة. 
صون فن الأبواب

يستمد بعض الفنانين إلهامهم من مواضيع أو مجالات معينة؛ كالطبيعة أو الطعام أو الأشخاص، مكرسين همتهم الفنية لإتقان هذا التخصص. وفيما يتعلق بخلود، غالبًا ما تسيطر عليها مشاعر الحنين، التي تعتبر حافزًا في أعمالها، والمدهش ما تلتقطه من انعكاسات للبشر. وقد شغلت فنها بأعمال مستوحاة من ذكريات قديمة، لرجال ونساء، أو طفولة وألعاب، مما ساهم في تشكيل مسارها الفنّي في مختلف مراحله.
عندما يتعلق الأمر بالأبواب، وعلى الرغم من أن المرء قد يظن أنها مجرد أدوات، لا تُقلب مشاعر الحنين في ظاهرها، إلا أن خلود تكشف من خلال أعمالها خلاف ذلك.
وتقول: "إن مشاريع إعادة التطوير التي بدأت في جدة عام 2021 هي التي ألهمتني لإنشاء سلسلتي الخاصة من (الأبواب والنوافذ). وعلى الرغم من وجود بعض العقبات، إلا أن هذه الأحياء كانت وما تزال ذات قيمة تاريخية، فهي بمثابة رمز طيّب للأيام الخوالي. ولعل أبواب عديدة فُقدت داخل الأحياء القديمة بجدة في أثناء عمليات الهدم، لذا رَغبتُ حقًا في توثيقها من خلال أعمالي الفنية".
 

لوحة لباب أحمر تقليدي في جدة للفنانة خلود العمري، بإذن من الفنانة. 
جمال المدينة

وعندما سُئلت خلود عن مسيرتها الفنية وكيف بدأت سلسلتها من الأبواب والنوافذ، قالت: "كنت أتجول بشكل متكرر حول الأحياء القديمة وعادةً ما يلفت انتباهي بابٌ واحد أو بابين على الأقل. وفي أغلب الأحيان يكون اللون هو ما يأسرني، فتأتي باللون الأزرق الفاتح أو الأخضر أو ​​الرمادي.
لكن هذا لا يعني أن بهاء جدة مهملٌ فنيًّا. في الواقع، لطالما لمحنا فنانًا يتجول في أنحاء البلد، ويلتقط بفرشاته الوقائع اليومية لأهلها، بدءًا من صور الأشخاص، إلى لوحات المنازل والشوارع، وحتى أطعمة الشوارع الشهيرة، مثل: البليلة (طبق الحمص التقليدي). لذا، كل شيء هناك هو فرصة وفكرة لعمل فني.
وتضيف خلود: "هذه الحركة بدأت منذ فترة طويلة وهي مثيرة للاهتمام، سابقًا كان الفنانون يلتمّون معًا كمجموعة، ويرسمون الرواشن في المنطقة، وأي شيء آخر أساسي في الحياة اليومية في جدة. البعض منهم - مثل هشام بنجابي - كان يملك استوديو فني في المنطقة، مفتوحًا أمام جميع الفنانين لاستخدامه في الرسم المباشر".
ويستمر المشهد الفني الثقافي في جدة، إلى جانب أجزاء أخرى من المملكة في التطور، إذ تسهم الأبواب المغلقة في فتح عالم كامل من الإلهام والإبداع.
 

لوحة لمكيف تقليدي من خارج منزل في جدة للفنانة خلود العمري، بإذن من الفنانة. 
قصص من الماضي

وفي حديثها عن الأبواب، تستطرد خلود: "تُصمم الأبواب التقليدية في جدة وتُزيّن بشكل مشابه جدًا للأبواب التقليدية الأخرى في جميع أنحاء المملكة والدول العربية الأخرى، وما يميزها عن غيرها هو بساطتها. يدهشني حقًا أنها لا تستوفي مكانتها الفنية المحلية، لأنها جميلة جدًا ولم نعد نرى أبوابًا مثلها الآن، خاصة في الأحياء الحديثة في جدة". 
وعن النوافذ تخبرنا: "بالتأكيد، تعتبر الرواشن جزءًا مهمًا من تراث المدينة، ولكن العناصر الأخرى لا تقل عنها أهمية. فهي قطعة مهمة من الماضي، تمامًا مثل كل شيء آخر يعدُّ من ميراث المكان".
يمسّ الماضي نقطة حساسة عند الفنانة، كما يتضح من تركيز مسارها الفني، فتقول: "إن القصص التي سمعتها من والدي وأجدادي عن الحياة في ذلك الوقت، كانت مصدر راحة وإلهام بالنسبة لي. كانت الحياة أبسط والناس أكثر لطفًا، وكانوا أكثر انخراطًا في حياة بعضهم البعض ويتبادلون فيما بينهم الاهتمام. وبطريقة ما، يعكس شكل الأبواب التقليدية ومظهرها في تلك الأوقات، شيئًا من حيويتها".
وعندما سُئِلتْ عن شعارها في الحياة، أجابت بمقولة لغسان كنفاني تعكس موقفها العاطفي الواثق بالماضي: "لك شيءٌ في هذا العالم.. فقم!".
 

لوحة لباب أرجواني تقليدي في جدة للفنانة خلود العمري، بإذن من الفنانة. 
لوحتان بعنوان "أبواب ونوافذ" للفنانة خلود العمري، معروضتان في معرض (من الأرض) لإثراء، بإذن من إثراء. 
أبواب ونوافذ
إعادة تعيين الألوان