نحن نعد شيئًا رائعًا من أجلك.

الهُوِيَّة الهندسيَّة
A-
A+
الفنّان الضيف

الهُوِيَّة الهندسيَّة

الهُوِيَّة الهندسيَّة

هندسة روحية. 2019 أكريليك على قماش، بإذن من الفنان

بقلم غدير صادق
October 20th, 2022

"الفنّ هو النافذة التي تطلّ على المستقبل، يأخذك من عالم الماضي، وينقلك عبر الزمن إلى الحاضر، ويلقي بك في أحضان المستقبل. الفنّ هو متنفس البشرية، رغم جميع الآلام والتحدّيات التي يواجهها، لأنّ عنصر المقاومة والتّمسك بالحياة هو الأقوى في مجتمعات أصبح فيها الفنّ جزءًا لا يتجزأ من حياتها اليوميّة".

"الهويّة سواء كانت الهويّة الوطنيّة أو الإسلاميّة. كلتاهما لهما تأثير قويّ في شخصيّتي كإنسان، وفي هويّتي كفنّان يرغب في التعبير عن الانتماء والوحدة. أشعر باتصال قوي بهويّتي الإسلامية والوطنية، فكلتاهما كيان واحد لا يمكن الفصل بينهما". الفنانة ام كلثوم العلوي". 

الفنانة ام كلثوم العلوي.
نبذة عن الفنّانة ام كلثوم العلوي

ولدت الفنّانة السّعودية ام كلثوم العلوي عام 1985، واستلهمت من تخصّصها في علم الأحياء الدّقيقة، فقد مهّد الطّريق لفضولها أن يبحث في الأشكال والمنطق والمفاهيم. فاستكملت تحصيلها بنيل درجة علمية أخرى في الفنون البصرية. استخدمت الفنّانة مساحة التفاعل بين المجالين لاستحضار الأفكار التجريدية عن الحياة والنمو والتي غالبًا ما تكون شاعرية. 

مجموعة أعمال ام كلثوم العلوي تعكس التوازن بين الهويّات الفردية والترابط الاجتماعي. فالوحدة هي المفهوم الكامن في قلب العمل، ويسلط الضوء على حاجة الأشخاص للتواصل والتضامن الاجتماعي كجزء من الطبيعة البشرية.

هندسة روحية. بإذن من الفنان.
مقدمة عن موضوع الهويّة في الفنّ:

أصبح مفهوم الهويّة جزءًا لا يتجزأ من السّرديات المعاصرة التي نتعرض لها سواء في الفنّ والأدب أو في الإنتاج الثقافي، وحتى في الإعلانات التلفزيونية. كثير ما نسمع عبارات مثل "قوّتنا في هويّتنا"، "ثقافتنا هويّتنا" التي أصبحت العبارة الرّسمية لوزارة الثقافة في المملكة العربية السعودية. الهويّة مفهوم معقّد ومتعدّد الأوجه، كثير ما جادله الفنّانون ووقفوا في مواجهته عندما كانوا في عملية إنتاج أعمالهم الفنّية، كيف يمكن للفنّان أن يعبّر عن هويّته من خلال فنّه؟ وما هي هويّته؟ وكيف يمكنه صياغتها بصريًا أو من خلال النّحت أو الكتابة أو الأعمال الموسيقية أو الشعرية وغيرها. لا يمكن للشخص أن يكون ذا هويّة واحدة فقط، إذ يندرج في مفهوم الهويّة مفاهيم عدة تتداخل وتتقاطع بطريقة معقّدة يكون نتاجها الإنسان، فالهويّة لها أبعاد تتعلق بالجندر، والدين واللغة والأرض والمنطقة والدولة والعائلة والعرق... وغيرها الكثير، جميعها هويّات متباينة تتفاعل مع بعضها البعض وتتقاطع لتنتج الإنسان الاجتماعي. 

نعيش في زمن تحدّيات عديدة، ومن أكبرها صراعنا لفهم هويّتنا الأصليّة في حاضرنا، زمن الثّورة المعلوماتيّة والذي يفرض التعرّض والتفاعل المستمرّ مع الثقافات الأخرى من خلال الإعلام التقليدي والجديد، وشبكات التّواصل الاجتماعي، فلم نعد معزولين كما كانت سالف الأجيال. أصبح مفهوم الهويّة غامضًا وضبابيًّا وأكثر تعقيدًا، ويصعُب تعريفه أو حصره في مفهوم واحد. في هذا الحوار أُسلط الضّوء على أعمال الفنّانة ام كلثوم العلوي، وكيف أثّر مفهوم الهويّة في أعمالها الفنّية، وكيف استطاعت أن توظّف فنّها للتّعبير عن ذاتها وهويّتها.

س1: متى بدأت رحلتك كفنّانة؟ أخبرينا عن بداياتك؟

بدأت رحلتي في مجال الفنّ منذ الصّغر، كانت لديّ عدّة محاولات لاستكشاف هذا العالم الجديد، المليء بالإثارة والدّهشة. كنت أشاهد القرطاسيّة بشكل يومي، وأمكث وقتًا طويلًا أتأمّل تلك الألوان والفرش وأدوات الرّسم التي كان يراودني الفضول حول كيفيّة استخدامها. وفي ذلك الوقت كانت مصادر تعلم الرّسم شحيحة جدًّا، ولم يكن الأنترنت متوفرًا لتسهيل عمليّة التّعلم كما هو الحال عليه في الوقت الحاضر، لذلك كنت أعاني في الحصول على الأساليب والتّقنيات الصّحيحة لتعلّم الرّسم الواقعي كبداية. كما إنّ حصص التّربية الفنّية كانت بالنّسبة لجميع الطّالبات بمثابة حصّة الفراغ، والموضوع المتكرر المطروح من خلالها هو الرّسم الحرّ. 

لذلك لجأت إلى العديد من الكتب المبسّطة لتعلّم أساسيّات الرّسم، حتّى وإن كانت الطّريقة غير مجدية. استمرت محاولاتي في الرّسم ومحاكاة الواقع عدّة سنوات، إلى أن بدأت بعض المؤسسات التعليميّة بتقديم دورات وورش عمل متخصّصة في تعليم الرّسم، وكنت التحق ببعضها. 

في عام 2007 بدأت رحلتي الفنّية بشكل جدّي كفنّانة بعد أن بدأت بدراسة متخصّصة لعلم الفنون البصريّة. فمنذ ذلك الوقت حتى الآن وأنا أزاول الفنّ بشكل جدّي واعٍ ومختلف عن السّابق. 

س2: كيف طوّرت أسلوبك الفنّي؟ كيف وجدتي الإلهام لاستحداث أسلوبك الخاص؟ 

طوّرت أسلوبي الفنّي من خلال الممارسة بشكل جدّي ومكثّف ومستمر، الاستمرارية في مزاولة الفنّ لعدّة سنوات طويلة ومتواصلة تعتبر تحدّيًا يواجهه أي فنّان. يملك كثيرون الحماسة في البدايات، لكنّ القليل يبقى على هذه الحماسة ويضيف إليها بعض الشّغف. فالفنّ مشوار طويل، يحتاج إلى نفس طويل وإصرار على الاستمرار لإثبات البقاء. كما أنّ طبيعتي عندما أنغمس في العمل على لوحة، تأخذني اللّوحة إلى أبعاد مختلفة لم أكن أكتشفها في البداية، ويسرقني الوقت، وأفقد السّيطرة عليه ولا أدرك أنّه دخل في اليوم التّالي، إلى أن ألتفت نحو أشعة الشّمس الذّهبيّة التي تلامس أطراف لوحتي. 

"مشروع (7)"، وسائط متعددة، على معدن 130 * 140 * 56، اللوحة بإذن من الفنان.

الاطلاع والقراءة والمشاركة في الفعاليات والمعارض سواء كانت المحلية أو الخارجية والسّفر، وزيارة أهم المعالم الفنّية والمتاحف، والاحتكاك بالوسط الفنّي المحلي والعالمي، جميعها لها دور فعال في تطوير أسلوب الفنّان. لو اكتفى الفنّان بمهارته العالية في الرّسم فهذا وحده لا يكفي لكي يستمر ويصبح فنّانًا حقيقيًّا ومنافسًا قويًّا. فحين ينعزل الفنّان طوال حياته ويقضي وقته فقط في مرسمه، لن يكون بإمكانه الارتقاء في فنّه ورسمه. 

الانعزال بشكل كلي يساعد الفنّان في أوقات معيّنة، قد يستعد لتحضير معرض أو فعاليّة كبيرة وغير ذلك، فيحتاج لقضاء أغلب يومه في مرسمه. لكن الاعتكاف الدائم في المرسم، فهو حتمًا يسلب من الفنّان الكثير والكثير. الفنّ ليس مقتصرًا فقط على ممارسته، إنّما الدّخول في ساحة العرض أمر مهم جدًا حتى يتطور الفنّان في المستوى والأداء. 

عندما يشاهد الفنّان أساليب الرسم في المعارض أو المتاحف أو غير ذلك من الفعاليات الفنّية، فهذا يعتبر مصدر إلهام ومحركًا داخليًا بالنّسبة له. لكن ما أن يكتفى بالطريقة ذاتها، والتي يعتمدها في الرّسم لعدة سنوات طويلة دون محاولة لتطوير أسلوبه، فسيخلق هذا مللًا بالنّسبة له، ولإنتاجه الفنّي ولجمهوره، بسبب ما ارتكبه من رتابة وتكرار.

س3: هل ساهمت هويتك (الوطنية، الدينية، كونك امرأة.. الخ) في تكوين أسلوبك الخاص ومنتوجك الفنّي؟ 

لابد أن يكون هنالك تأثير لبيئة الفنّان، أو نشأته أو دينه، ومعتقداته أو غير ذلك في تشكيل الهوية الفنّية لأي فنّان. بالنسبة لي الشعور بالانتماء إلى مكان معين أو بيئة معينة مهم جدًا، فمن خلال مكان المنشأ أو ما نسميه بالوطن يستلهم الفنّان معطيات فنّه، وتتشكل الرسالة التي يرغب في التحدث عنها من خلال ذلك. فبطريقة عفوية ولا إرادية وغير مخطط لها، وجدت أن المرأة تجسد المحور الأساسي لأعمالي. كما وجدت أن الانتماء الديني والوطني حاضرًا أيضًا بشكل واضح وجلي. كلّ تلك الرموز غير المباشرة التي استخدمتها كانت تلامس كيان المرأة، وحضورها كان طاغيًا على العمل الفنّي. 

الهندسة الروحية، 2021. بإذن من الفنان. 

س4: ما هي الموضوعات التي تستكشفيها في فنّك؟

من أهم الموضوعات التي أتطرق لها هي التعبير عن القوة الناشئة من الوحدة المجتمعية. فجميع أعمالي تجسد كمًا هائلًا من المجاميع المتباينة في الحجوم والمساحات. وكل تلك التجمعات ترمز إلى أن القوة لا تنشأ من الفرد، بل تنشأ من اتحاد المجموعة. كما أني أعتمد على عدة عناصر في التعبير، منها الخط، اللون، الشكل الهندسي، الاختزال، التكرار والنمطية أو ما يسمى بالإيقاع. على الرغم من تشابك الخطوط وتعقيدها، فهي توهم المشاهد أنها مكونة من عدة أشكال مختلفة للخطوط. إلا أنها في حقيقتها مكونة من خطين فقط الخط الأفقي والخط العمودي، ومن هذين الخطين أنشأت جميع الكتل ذات الأشكال المختلفة. فكما تنشأ الدائرة من نقطة ومن الدائرة تنشأ جميع الأشكال الهندسية. فهنا كذلك يستطيع الفنّان أن ينشأ أشكالًا ذات خطوط مختلفة، منشؤها أشكال وخطوط مألوفة. فمن خلال الفهم والإدراك للشكل الهندسي المنتظم وكيفية تكوينه، يستطيع الفنّان أن يخرج عن المألوف وينشئ شكل أو عدة أشكال تميز فنّه وتعتبر بمثابة شعار أو رمز موجود في جميع أعماله، سِمتُه التي أوجدها بنفسه. 

أيضًا من أهم العناصر التي أعتمد عليها في عملي الفنّي هو الإيقاع. فالإيقاع في الفنّ التشكيلي يعني تكرار أي عنصر من عناصر الشكل المتماثلة، كتكرار الوحدة، ﻭما يقع بين كل وحدة وأخرى من مسافة يسمى فاصل. في استخدامي لعنصر الإيقاع بشكل موسع؛ يتيح لي قوة التعبير عن موضوع الوحدة. كما يتسم أسلوبي في الرسم بالاختزال، والاختزال يعتبر جوهر التجريد وشكل من أشكال الاختزال الفنّي أو اختزال الجوهر مع تبسيط واختصار التفاصيل، فعندما نقوم بتجريد مشهد معماري إلى أشكال هندسية؛ مربعات ودوائر، فإننا بذلك نعمل على تبسيط الشكل مع اختصار تفاصيله وتظهر اللوحة التجريدية على شكل كتل أو قصاصات من الورق المتراكمة، أي مجرد قطع إيقاعية. 

هندسة روحية. بإذن من الفنان.

س5: من أين تستقين الإلهام؟ وكيف تستخدمين هذا الإلهام في فنّك؟ 

أستقي الإلهام من عدة مصادر مختلفة من بينها البيئة المحيطة بي، ففي أي بيئة محيطة لأي فنّان عدة عناصر ملهمة له. فوجودي في مجتمع شرقي له ثقافة عربية وديانة إسلامية، ألهمني الكثير لاستخدام بعض الرمزيات المعروفة في المجتمع الإسلامي. كاستخدام عنصر القباب، والمآذن، وبوابات المساجد، والهياكل الخارجية للمساجد. ومن أهم الرّموز التي استخدمها هو عنصر المرأة المرسومة بشكل تجريدي بعيدًا عن الواقع، وبعدة أشكال تشبه أشكال الأحرف الهجائية للغة العربية. وكما هو الحال في الفنون الإسلامية التي تعتمد على الخط والزخرف بعيدًا عن رسم الأرواح. من هذا التأثر بالفنّ الإسلامي، فإنّي أعتمد الأسلوب الزخرفي المبني على عنصر التكرار والنمطية، وهو نفس الأسلوب المعتمد في الرسم في الفنون الإسلامية. 

س6: كيف تنظرين إلى هويّتك؟ وما هي الهويّة التي تشعرين باتصال قوي بها؟ 

الهويّة سواء كانت الهويّة الوطنية أو الإسلامية. كلتاهما لهما تأثير قوي في شخصيتي كإنسان وفي هويّتي كفنّان، يرغب في التعبير عن الانتماء والوحدة. أشعر باتصال قوي بهويّتي الإسلامية والوطنية، كلتاهما كيان واحد لا يمكن الفصل بينهما. نشأتي في بلاد الحرمين كان لها تأثير قوي واضح وجلي في أسلوبي في الرّسم، وفي أسلوبي في طرح ومناقشة الموضوعات. هذا الـتأثير لعب دورًا إيجابيًا وكبيرًا وكان مصدر جذب للمشاهد والمتلقي. 

س7: ماهي "الهندسة المقدّسة" وما سبب تكرارها في منتوجك الفنّي؟ 

الهندسة بالنسبة لي جزءًا لا يتجزأ من عملي الفنّي، فبدونها يعتبر عملي ناقصًا. ونظرًا لأني أمتلك مهارة عالية في الرّسم الهندسي، فهذا سهل علي المهمة على الرّغم من صعوبتها. كما كانت لدراستي السابقة لعلم الأحياء الدقيقة دور كبير في اكتسابي مهارة عالية في رسم أدقّ التّفاصيل. سبب التّكرار كما ذكرت سابقًا بأني أعتمد على عنصر الإيقاع في الرّسم، وهذا العنصر هو العنصر الأساسي في الفنون الإسلامية التي تعتمد على الرّسم الهندسي المتّسم بالأنماط والتّكرارات. 

س8: ماهي الطرق التي تعبرين بها عن هويّتك عدا الفنّ؟ 

ألجأ إلى الكتابة في التعبير عن هويّتي، على الرّغم من أنني لست كاتبة. كما الجأ إلى فنّون الخطّ في التعبير، على الرّغم من أني لست خطّاطة. 

س9: كيف أثرت إقامتك الفنّية في البلد على منظورك عن الهويّة؟

برنامج الإقامة الفنّية بالبلد كان من أفضل برامج الإقامة التي التحقت بها. لأنه أتاح لي أن أعيش في مكان أثري وتاريخي وأن أستلهم منه فكرتي ومنتوجي الفنّي. أنا أعتبر برنامج الإقامة بالبلد بمثابة الفرصة الذهبية التي يطمح أي فنّان في الحصول عليها. فهي تتيح للفنّان أن يبحث في التراث والتاريخ ويبحر في ذلك. خلال فترة اقامتي في البلد شدني التعالي الشاهق في البنيان، وجمال الرواشين والمشربيات واستطالتها على ارتفاع المباني من الأسفل إلى الأعلى. 

كما شدتني فكرة كيف كانت أعمال النساء سابقًا، يجتمعن في الرواشين، يجلسن لمشاهدة المارة في الشارع. وبما أني أعتمد الأسلوب الهندسي في الرسم والمحور الأساسي لفكرة أعمالي تدور حول الاجتماع. لذلك قمت باختيار الرواشين والمشربيات كموضوع أعبر من خلاله عن جِدَّة التاريخية؛ البلد. 

تجربة برنامج الإقامة الفنّية فيها، ولَّدَ بداخلي رغبة كبيرة في تكرارها والإقامة في نفس المكان، فالبلد مكان ملهم جدًا لأي فنّان يريد تطوير إبداعه والسمو بفنّه نحو الأفضل. 

س10: من هم الفنّانين الذين يشكلون مصدر إلهام لك ولماذا؟ 

متأثرة بشكل كبير بالخطّاطين أكثر من تأثّري بالفنّانين. وذلك ناتج عن كون أسلوبي في الرّسم أقرب إلى الخط والزخرفة. من أبرز الخطّاطين الخطّاط التّركي الأستاذ محمد أوزجاي. 

س11: ما هو الشّعار الذي تعيشين به؟ 

ربّما لا تعجبك حياتك، ربما لا يعجبك من حولك، ربما لا تعجبك نفسك، ربما لا يعجبك مستواك المادي أو الاجتماعي...ربما تعتقد أنك فاشلًا، وغيرك أكثر نجاحًا منك، لا تبحر في البحث عما لا يعجبك، وابدأ في التفتيش عما يعجبك، حتمًا ستجده، لكن عينك كانت لا تراه وقلبك كان مشغولًا عنه، فعندما انقشعت غيمة اليأس عن عينيك، تجلى شعاع الحقيقة لقلبك، وعندما كنت تعتقد أنك فاشلًا فذلك كان نتيجة شعورك الخذلان واليأس، كل ما تحتاج إليه موجود لديك، لكنك أضعته يومًا ما، عمرك مهما طال، لابد أن يأتي يومًا و ينتهي، حياتك وإن طالت، لابد لها أن تصل إلى نقطة النهاية، المستقبل أمامك والماضي خلفك و الحاضر بيدك، اختر لنفسك ما تجده مناسبًا لها، إن أردت البقاء في الماضي، فتذكر أنه انتهى، و إن كنت خائفًا من المستقبل فتذكر أنه لم يأتِ بعد، كل ما بيديك هي اللحظة، فلا تضيعها فهي الآن بين يديك، الحياة جميلة عندما تفهمها، مرعبة عندما تجهلها، جيدة عندما تحبها، سيئة عندما تبغضها، فلتعش ما تبقى لك في حياتك بسكينة واطمئنان. 

تلك كانت مجرد حروف بعثرتها ذاكرتي، فتشكلت كلمات، ومن الكلمات تشكلت عبارات ومن العبارات تشكلت أسطر... لا أعلم إن كان لها معنى، أو أنها فارغة من جميع القيم والمعطيات.

س12: ماذا يعني لك الفنّ؟ 

الفنّ هو النافذة التي تطلّ على المستقبل، يأخذك من عالم الماضي، وينقلك عبر الزمن إلى الحاضر، ويلقي بك في أحضان المستقبل. الفنّ هو متنفس البشرية، رغم جميع الآلام والتحدّيات التي يواجهها، لأنّ عنصر المقاومة والتمسك بالحياة هو الأقوى في مجتمعات أصبح فيها الفنّ جزءًا لا يتجزأ من حياتها اليومية. الفنّ بجميع أوجهه سواء كانت الموسيقا، أو الأدب، أو الفنّ التشكيلي، وغير ذلك من الفنون المعاصرة، أصبح حاجة ماسة من حاجة المجتمعات لكي تستطيع العيش والاستمرار.

إعادة تعيين الألوان