نحن نعد شيئًا رائعًا من أجلك.

لُغَةُ المَشاعرِ بالألوان
A-
A+
الفنّان الضّيف

لُغَةُ المَشاعرِ بالألوان

لُغَةُ المَشاعرِ بالألوان

أكريليك على كانفاس 120x90، 2022، اللوحة بإذن من الفنّان.

بقلم فريق تحرير إثرائيات
October 20th, 2022
مقابلة مع الفنّان حكيم العاقل

"بدأتُ الرّسم منذ الصّغر، ومن خلاله كنت أكتشف الأشياء وأقضي ساعات طويلة في الرّسم وتقليد الرّسومات التي أشاهدها في المجلّات المصريّة، خاصّة الوجوه. في تلك السّن المبكّرة اصطحبني صديق أخي الأكبر لتعلم الرّسم عند الفنّان الرّاحل هاشم علي - مؤسس حركة الفنّ اليمني - وبدأتُ أمارس الرّسم بشكل منتظم وبتوجيهات وإشراف منه". 

هذه كانت بداية تجربة الفنّان التّشكيلي حكيم العاقل الذي أنهى دراسته الثّانوية والتحق بدراسة الفنّ بالشّكل الاحترافي لأنّ الإمكانيات البسيطة والمتواضعة المتوفرة لا تتوافق مع الطّموح الكبير بداخله. بدأ يشاهد ويقرأ ويبحر عن الفنّ ويمعن في تأمل لوحات فنّاني عصر النهضة وما لحقها من مدارس واتجاهات فنّية، ما فشكلت دافعًا قويًا لإكمال دراساته. 

أكريليك على كانفاس 120x90، 2022، اللوحة بإذن من الفنّان.

مواضيع لوحاته كانت تأتي بشكل متسلسل يعبر عن رحلة بحثه، فخاض مغامرات التجريب الدائم والانتقال من تجربة لأُخرى، بينما ظل إلهامه الأساسي من تلك التجارب الحياتية التي عاشها ومن خلال ذكريات الأماكن التي سكنها، والأشخاص الذين ترعرع معهم، خاصة وأنه كان يعيش ضمن بيئة متنوعة على الرغم من شدة خصوصيتها، فكانت حقل الإلهام الذي واكبه بامتلاك القدرة المعرفية والاحترافية في تقديم الصياغة الفنّية للوحته، فتكتمل بالثقافة. ولأنه يؤمن بأن كل إنجاز فنّي سيكون له تأثير على المجتمع بشكل عام، وأن مراحل الفنّ على مدى العصور والأزمنة تظهر لنا فنّانين يعجب بهم الناس في أزمنتهم وحتى زمننا الحاضر، فلا يجب اتباع مدرسة فنّية محدّدة لكي يعبر الفنّان عن أسلوبه ومنهجه الذي يعمل عليه، هذا التّحديد انتهى في ستّينيات القرن الماضي، فمهما اختلفت وتنوّعت أساليب واتّجاهات الفنّانين؛ فهي تصبّ في التّوجه العام لما بعد الحداثة.

وعن رؤيته للإبداع الفنّي منذ الصّغر، يعتقد أن الموهبة توجد تقريبًا عند جميع الأطفال، وعندما تتاح لهم الرّعاية وتتوفّر لديهم الأدوات، ومع مرور الوقت تظهر ميول الشّخص ورغبته في تحديد هويّة ما، وذلك غالبًا ما يحصل بعد إكمالهم لمراحلهم الدّراسيّة واختيار مجالات تخصّص دراستهم، لأنّه كما هو مؤكد أن الفنّ يحتاج للصّقل والثّقافة فهو علم مثل كافة العلوم التي تحتاج الدّراسة ليتمكّن الفرد من الاحتراف عن طريق المعرفة والمعلومة والفكر، إضافة إلى الموهبة، الأمر الذي يؤدي إلى تكوين رؤية خاصة تغلب على إنتاجه الفنّي. 

وعن مشاريعه المستقبلية يذكر أن الفنّ ليس له نهاية، وبمجرد أن يبدأ لوحة جديدة تصبح مشروعه القادم، ويهتم بالاستمرار في البحث والإنتاج إلى أن يجمع عددًا مناسبًا لإقامة معرض يحتوي هذه التجربة، وينتهي المعرض وتبدأ تجربة جديدة لكي تستمر العملية الإبداعية، وأن يدخل المتلقي عالمه الفنّي بتروٍ وأن يشاهد لوحاته من منظور التأثير الذي تحدثه اللوحة عند مشاهدتها، فإذا أثرت عليه تكون رسالته قد وصلت، فاللوحة ليست رموز مبهمة بحاجة إلى شرح.

أكريليك على كانفاس 120x90، 2022، اللوحة بإذن من الفنّان.
أكراليك على كانفاس 100X70، 2012، اللوحة بإذن من الفنّان.

ممارسة العملية الإبداعيّة دافعها المشاعر واللّحظات المؤثرة التي تدفع حكيم للرّسم، وذلك من خلال التعبير الفنّي الذي يتجسد في اللوحة، فاللّوحة بالنسبة له هي نتاج سلسلة من التأمل والتّجريب والتّخطيط الذّهني والعملي. أحيانًا يجد صعوبة في بداية لوحة جديدة وخاصّة بعد كلّ لوحة ناجحة خوفًا من التّكرار. ولإيجاد حلّ فهو يقوم بالتّأمل خاصّة حينما يمارس رياضة المشي يوميًا في الصّباح الباكر؛ فذلك يساعده على إيجاد حلول للوحات مستعصية، والتي بحاجة إلى حلول تقنية في معظم الوقت، ومما يساعده أيضًا أن يستجلب ذكريات من المخيّلة ويعيد صياغتها بقالب فنّي من الحذف والإضافة إلى أن تصل إلى تناغم جزئي ومقنع يدفع للإبداع وإكمال العمل.

فالفنّ بالنّسبة له، هو ممارسة الحياة بكل صورها وأشكالها المتعدّدة منذ أن يصحو إلى أن ينام وهو يعيد التّفكير في كلّ شيء. 

والهويّة هي التّكوين الصّادق للإنسان، وكلّما اقترب الفنّان من الشّيء الذي يفهمه يكون أكثر صدقًا، والهويّة هي المعرفة الكونيّة للتّكوين الإنساني الذي يربط الفرد بمجتمعه، لم يكن يستهدف إبراز الهوية، ولكن الرّسم والألوان يعبّران عما يفهمه ويحبه ويُشكّلان جزءًا مهمًّا من حياته وذكرياته، دون أن يتقصّد رسم هويّة ما.

إعادة تعيين الألوان