نحن نعد شيئًا رائعًا من أجلك.

ألوانُ المُوسيقى
الفنَّان الضَّيف

ألوانُ المُوسيقى

ألوانُ المُوسيقى

عازف عود، أكريليك على قماش، 140x120 سم، بإذن من الفنّان.

بقلم منار المطيري
March 20th, 2023
الفنّان فادي الداود

عشق الفنّان فادي الداود الموسيقى، فصنع من فرشاته عصا يعزف بها على لوحاته أجمل التشكيلات البصرية الفريدة. بدأ الفنّان الداود رحلته الفنّية مبكرًا، في العاشرة من عمره، أقام له والده الفنّان خلدون الداود معرضًا، بدعمٍ منه ومن أصدقائه الفنّانين، وتتلمذ على أيدي كبار الفنّانين العرب، أمثال: حسين بيكار، وجورج البهجوري، في معرض والدة (راوق البقاء) في الأردن، وهو من أوائل المعارض الفنية في الأردن. درس فادي الداوود الفنون بجامعة الأردن وتخرج عام 2006، وحصل على الدبلوم العالي في الفنون الجميلة من فلورنسا بإيطاليا، كما حصل على الماجستير في الفنون، وشارك في العديد من المعارض العالمية والمحلية.

يحرص الداود على تقديم تجربة جديدة للمشاهد عبر لوحاته، التي يستعرض من خلالها عوالم يندمج فيها جمال الفنِّ التشكيلي والموسيقي.

بدون عنوان، بإذن من الفنّان.

تتميز فرشة الداود بانسيابية عالية، حيث تتيح لك التشكيلات البصرية في اللّوحة أن تتخيل سلاسة حركة العازفين، حتى تكاد تسمع عزفهم. تعكس لوحاته التي اختارت الموسيقى موضوعًا لها، إحساسه بالحنين إلى الماضي الجميل، حيث تحكي كل زاوية في اللوحة لحظة من الماضي متجسدةً بمعزوفات بصرية، تأخذ المشاهد إلى ذكريات العصر الذهبي للأغنية العربية.  يرسم الداود شخصيات من أساطير الغناء العربي، مثل: سيدة الغناء العربي ”أم كلثوم”، و"أسمهان"، و"فيروز"، مكرمًا أعمالهم بأسلوبه الخاص مبدعًا من أصواتهم لوحاته الفريدة.

تعلٌق الداود بالفنّ والموسيقى بشدّة منذ نعومة أظفاره، فقد جرب جميع الآلات الموسيقية، وعبر عن تجربته قائلًا: "أنا عاشق جدًا للموسيقى، وكانت لي محاولات متكررة في تعلم آلة العود وبعض الآلات الموسيقية الأخرى، إلا أن جميع محاولاتي أخفقت، وعوضت عشقي لها برسم الموسيقى، والفنانين، والمغنيين المفضلين لدي، وكان رسمي لهم ليس إلا محاولة لتجسيد الإحساس الحقيقي للأغنية على لوحة".  وتحدث عن "أم كلثوم" قائلًا: "تعلقت بأم كلثوم منذ الصغر؛ لأن صوتها رائع وكلماتها تأخذ المستمع إلى بُعدٍ آخر، وأنا أعتبر أغانيها مشروعًا كاملًا متكاملًا، ما بين ملحنٍ، وكاتب كلمات، ومغنٍ، وموزع. وحفلاتها مسرحية غنائية، كل عازف فيها له دور في هذه المسرحية، فالعمل النهائي هو عمل عظيم، فكل مرة أسمع أغنية لأم كلثوم أشعر بإحساس جديد، حيث يتغير المعنى في كليًا، ويتشكل معنىً آخر وصورة فنية أخرى".

بدون عنوان، بإذن من الفنّان.

ويستحضر فادي الداود أيضًا عبر لوحاته جمال الهندسة الإسلامية والرياضية، حيث تزينت لوحاته بأنماط إسلامية مستلهمة من هياكل المساجد والعمارة الإسلامية. فتشكلت لوحاته من دوائر وخطوط مستقيمة متقاطعة، بدت وكأنها أوتار بألوان غنية، تركز على إبراز تفاصيل شخصيات اللوحة.

ويوصف الداود أسلوبه الخاص بالرسم قائلا: "اكتسبت هذا الأسلوب من خلال دراستي للفنّ الإسلامي والهندسة، وطريقة رسم الدائرة، ومعنى النقطة والخط المستقيم، والعلاقة بينهم في الشكل الهندسي.

كلّ الخطوط والدوائر في لوحاتي لها معانٍ ورموز ودلائل مرتبطة بحضارات قديمة، تماشت مع الهندسة الإسلامية والأنماط التي نراها في المساجد. وأنا لم أضف شيئًا جديدًا، إنما فقط أعدت تطوير هذا الفنّ بما يتناسب مع الحداثة". ويستلهم الداود خطوطه أيضًا من الإنسان، فيعتبر الخط المستقيم الواحد كالخلية في جسم الإنسان، حيث يبدأ رسمته بخطً واحد ثم تتقاطع وترتبط الخطوط معًا، مثل ارتباط ذرات الأكسجين بالهيدروجين مع بعضها بعضًا.

ومتحدثًا عن اختلاف أسلوبه بين أعماله في الماضي والحاضر، يقول: "في الماضي كنت أشتغل بكثافة على خلفية اللوحة، والآن أشتغل فقط على الشخصية الأساسية في اللوحة، حيث أصب كل تركيزي عليها، في حين تظلّ الخلفية لونًا واحدًا فقط، وأحرص على أن أقلل الأشكال في لوحتي، إلى شكل أو شكلين ليتركز نظر المشاهد على تفاصيل الشخصية المليئة بالدلائل والرموز".

العشق، ليأتِ ملكوتك، أكريليك على قماش، 2015، 195x145سم، بإذن من الفنّان.
تقارب، أكريليك على قماش، 130x100، 2015، بإذن من الفنان
تقارب، أكريليك على قماش، 130x100، 2015، بإذن من الفنان

يؤمن الداود أنّ الفنّان الحقيقي يستلهم الفكرة بعد أن يسخر له الله الزمان والمكان من حوله، ويهيِّئهما لتجتمع الظروف المناسبة لولادة الفكرة. فيقول: "الفنّان يرسم بإرادة إلهية، وأعني بذلك أنّ الله يلهم الفنّان مثلُ إلهامه للطبيب، أو العالم، لابتكار أشكال جديدة. ويأتي ذلك بعد أن تتوفر جميع المعطيات المطلوبة لخلق تلك الفكرة في عقل الفنان".  كما يؤمن أيضًا أن الفكرة تأتي بعد انتظار، فيقول: "أنا مرتبط جدًا بمرسمي؛ لأنه في لحظات الهدوء تأتي الفكرة بعد انتظار، وبعد أن يحدث ارتباط روحي ما بين السماء والأرض، حيث تكون الرّسمة مثل الرّسالة التي يرسلها ربنا لكي ارسمها".

ويرى الداود بأنه لا يمكن للموهبة أن تنمو وتزهر في بيئة غير داعمة، فالفنّان النّاشئ في حاجة لتوعية وإرشاد وتحفيز لتعلم الفنّ، ويقول: " البيئة الداعمة هي أساس الفنّان، واختلاف البيئات المحيطة بالفنّانين عند صغرهم؛ هو ما يولد التّميز والتنوع، لذلك يحاسب الفنّانون على مهاراتهم في الفنّ بشكل مختلف، على حسب الامتيازات التي كانت متوفرة لهم في نشأتهم".

وعن مشاريعه الفنِّية القادمة، يستعدُّ الداود لإقامة مجموعة من المعارض القادمة في لندن، ودبي، والسعودية، والأردن، ليعرض فيها مجموعة من لوحاته الجديدة.

الهدوء والطمأنينة، أكريليك على قماش، 100x290 سم، 2015
إعادة تعيين الألوان