حُداء الإبل

قد تبدو الإبل بقامتها المهيبة رزينةً في بعض الأحيان، لكنّها في الواقع مخلوقات حساسة. فهي تستمتع وتستجيب لأنواع مختلفة من الموسيقى، والحُداء، والأغاني، وكذلك الكلمات الصحيحة.

فأصوات كـــ "إخ، إخ!" تجعل الإبل تبرك، بينما "ياااه، ياااه!" تحثها على النهوض، ومع إضافة "هت، هت!" تلهمها للعدو سريعًا.

هناك كتب متراكمة عن فلسفة الإبل ولغتها وتاريخها وثقافتها، ولذا فلا عجب أن التعابير الشفاهية للتواصل مع الإبل المزاجية –نوعًا ما- قد وصلت أخيرًا إلى  قائمة اليونيسكو التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية في عام 2022.

 والتعبير الإيقاعي مستوحى من الشعر العربي، ويستخدم راعي الإبل رصيدًا مميزًا من الأصوات والصيحات التي اعتادت الإبل عليها، لتوجيه القطعان عبر الصحراء أو المراعي، إلى منطقة الشرب والأكل والاستعداد للحلب.

هناك بالفعل علاقة خاصة بين الرعاة وإبلهم - ولا سيما حادي الإبل - فألفة الصّوت والأغاني تعمل على تخفيف وتهدئة أو حثّ الإبل على السير - وتقدير مزاجيتها – بتحفيز ذلك المخلوق الضخم بمحبة وحنان، المعروف عند العامة باسم "سفينة الصحراء".

ووفقًا لليونسكو، ما يجعل الحُداء أسلوبًا مميزًا: " استخدامه أيضًا للتجمع السريع في حالة وجود خطر مباشر مثل العواصف الرملية. ويقوم الرعاة بتدريب جمالهم للتفريق بين اليمين واليسار، وفتح أفواهها عندما يُطلب منها ذلك، وتدريبها لكي تبرك لركوبها".

هذه الممارسة التقليدية القديمة تخلق صلة خاصة وقوية للغاية بين الإبل ورعاتها، وكذلك بين الرعاة أنفسهم. غالبًا ما يكون شرفًا أن يصبح الرجل حاديًا للإبل، حيث يتم توريث هذه المهنة، أو بالأحرى التقليد، ويتم تناقلها داخل العائلات والمجتمعات. ليس غريبًا أن يقوم الأطفال باستلام المهنة لأنهم يرافقون أفراد الأسرة البالغين في الرحلات اليومية لقافلة الإبل.

مهما كان رأيك في الإبل، ومهما تنوعت ألوانها وسلالاتها وشخصياتها وقصصها، فهي كائنات حقيقية لها رمزية ثقافية ووطنية.