سيمفونيَّة الفنِّ البصَري
السيمفونية التاسعة، 2018، ألوان زيتيه على كانفاس، 100x135 سم، بإذن من الفنّان.
عُرف عمر النجار بلمساته الفنّية التي تترجم صدق أحاسيسه، وتأخذ المشاهد في رحلة من التّأمل والتّفكير في تفاصيل الحياة اليومية البسيطة.
تمثل لوحات النجار نظرة حديثة للفنً الانطباعي، الذي يعتمد على ما يراه الفنّان. حيث تدعو لوحاته المشاهد إلى النظر نحو الأشياء والصور الفنيّة على أنّها حالة من الحركة المستمرة.
وتبدو لوحات النجار نابضة بالحياة، إذ تُجسد روح الفنّان ونظرته الخاصّة لتناغم الحياة؛ فهو لا يعتمد في رسمه على جملة من القواعد المسبقة، إنّما يصوّر الواقع كما هو.
ويعتبرُ النجار الموسيقى من أجمل وأرقى الفنون التي يبدعها البشر، ولذلك خصّص سلسلة من لوحاته الفنّية للموسيقى، صوّرت لوحاته حفلات الاوركسترا بأسلوب متفرّد يتجسّد فيها كلّ عازف بشكل مختلف عن الآخر في لحظة إبداعية، معتمدًا على خلفيات لونية داكنة من الألوان الزّيتية. وبدلًا من أن يرسم الشخصيات أو الآلات بتفاصيلها، يركّز النجار على أن يبرز روح الموسيقى وصوتها في رسماته.
في جولات، ألوان زيتيه على كانفاس، 210x250 سم، بإذن من الفنان.
ولدت في سنة 1992 في نابلس فلسطين، وأقيم في الأردن منذ الصغر، تخرجت من الجامعة الأردنية سنة 2014 من قسم الفنون البصريّة. نشأت في بيئة محبة للفنّ والإبداع، وأنا لست الفنّان الوحيد في عائلتي، كان أبي رحمه الله رسامًا ومحبًّا للفنّ، أختي مروة النجار فنّانة قديرة ولها مسيرة كبيرة في الفنّ، وتقيم حاليًا في المملكة العربية السعودية، كذلك أخي علي النجار مهندس معماري وصاحب رؤية فيما يتعلق بالجانب النّظري من الفنون البصريّة، إضافة إلى مهنته كمعماري. هذه البيئة التي ترعرعت فيها كان لها الدور الأعظم في صقل شخصيتي على المستوى الإنساني والمهني الفنّي.
اختلفت علاقتي بالفنّ على مدى الزمن، ففي الصغر، أي منذ الطفولة إلى ما قبل الدراسة الجامعية، كنت أستمتع بتنمية قدرتي على الرسم، وكان الرسم هو الشيء الرئيسي في حياتي، وكل ما سواه يعدّ ذا أهمية ثانوية. في فترة الدراسة الجامعية أخذت الأمور منحى أكثر جدية، وظهرت لي جوانب أخرى كانت خفيّة علي فيما سبق، تتعلق بالجانب التقني للفنّ. بعد الدراسة الجامعية، عندما بدأت بنشر أعمالي الفنية في دور العرض المختلفة، أخذت علاقتي بالفنّ تأخذ منحنى أكثر تركيبًا وتعقيدًا، من حيث المفاهيم الفنية وطبيعة الرؤية المراد طرحها، مما زاد من حسّ المسؤولية في علاقتي مع الفنّ.
هنالك بدايتان لي في الفنّ، البداية الأولى منذ الطفولة إلى ما بعد التخرج من الجامعة، حيث كنت مولعًا كما أذكر بالتعبير البصري الفنّي، ولا أذكر يومًا مرّ علي دون أن أرسم، أما البداية الثانية فكانت بعد سنّ الثالثة والعشرين تقريبًا، حيث بدأت بإنتاج أعمالي الفنّية، وبدأت بالتعرّف على مفهوم اللّوحة الفنّية، واتضح لي بأن صناعة الفنِّ شيء، والقدرة على الرّسم شيء آخر، إلى درجة أنّ كلا المفهومين قد لا يتقاطعان أبدًا في بعض الأعمال الفنّية.
الملحمة السوداء، ألوان زيتيه على كانفاس، 270x165 سم، بإذن من الفنّان.
هذه المجموعة الفنّية تعتبر من أهم الأعمال التي أنتجتها وأقربها إلى قلبي وعقلي. وقد تناولت مشاهد مبتكرة للموسيقيين في أثناء أداء مهمتهم الإبداعية، وكنت أعبّر عمّا يجري في أثناء هذا الأداء الموسيقي بشكل بصري من حيث التشكيل والتعبير اللوني، وسبب اختياري لهذا الموضوع يرجع إلى جانب محبتي للموسيقى، واهتمامي بالمشاهد التي تظهر التجمعات البشرية المختلفة، هذا التجمع البشري يعتبر من الأمثلة القليلة للتجمع على فعل معين دون أن يتسلل إليهم التنافس بأي شكل من الأشكال، وهذا برأي هو مصدر جمال مظهرهم وأدائهم.
دقة التفاصيل، ألوان زيتيه على كانفاس، 110x145 سم، بإذن من الفنان.
السمفونية التاسعة لبيتهوفن Ninth Symphony Beethoven، ودانس مكابري Danse Macabre لفرانز ليزت Franz Liszt، وأغنية القلب يعشق كل جميل لأم كلثوم من تلحين رياض السنباطي، هذه ثلاثة أمثلة من مجموعة كبيرة من الموسيقى المفضلة عندي. أما بالنسبة للاستماع إلى الموسيقى أثناء الرسم؛ مع مضي الوقت ازدادت الفترة التي أقضيها في إنتاج عمل فنّي واحد، فلم يعد من الممكن الاستماع إلى الموسيقى خلال الأداء الفنّي، لأن الجلسة الواحدة قد تمتد إلى أكثر من أربع ساعات على مدى شهر أو شهرين، ففي هذه الحالة تكون الموسيقى مجرّد صوت في خلفية العملية الفنّية ولا تستفز المشاعر أو تقود إلى الانفعالات بشكل مباشر.
لا يمكن أن أفضل مدرسة على وجه التحديد، ففي كل مدرسة فنّية هنالك أعمال فنّية جديرة بالإعجاب والتقدير، إلا أني لا أحب المدرسة الكلاسيكية الغربية عمومًا، ولا أميل إلى هذا الشكل من أشكال التّعبير البصري، في المقابل أجد متعة في النظر إلى الأعمال الفنّية الصينية واليابانية التقليدية القديمة والمستحدثة، وأحب بشكل كبير الزخارف الإسلامية المختلفة، وأعتبرها من أجمل أنماط التعبير الفنّي، كذلك أحب المدرسة التجريدية الأوروبية وأحترم المبادئ البصرية التي نادت بها.
"مستمعون" ألوان زيتيه على كانفاس 170x95 سم، بإذن من الفنان.
لحظات الإلهام، التي قد تأتي من منابع عقلية داخلية والتي نادراً ما تحصل، أو من عوامل خارجية، كمشهد معين أراه يستفزني لأن أرسمه.
طموحاتي ومشاريعي المستقبلية الفنّية هي أن أستمر في فهم ما هو الإبداع الحقيقي، وكيف أؤدّي مهمتي كفنّان على أكمل صورة ممكنة.