نحن نعد شيئًا رائعًا من أجلك.

فنٌّ، وموسيقى، ورقصٌ، ومكان..
لقاء خاص

فنٌّ، وموسيقى، ورقصٌ، ومكان..

فنٌّ، وموسيقى، ورقصٌ، ومكان..

صوت الإنصات، 2022، بإذن من الفنّانة زهرة بندقجي.

بقلم حفصة الخضيري
March 20th, 2023

أصبحت الموسيقى جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، ومع الموسيقى يأتي الرقص. صار لدينا الآن لحظات جميلة كلما تحركت الأجساد لتستكشف المكان، فهي موجودة في اللحظة المناسبة مع الموسيقى التي تبرز وجودنا. الموسيقى والرقص ليسا بجديدين، إنهما جزء من هويتنا، نحن نرقص باستمرار، ونصنع حركة بأجسادنا. من أجل الرقص، نستكشف الإيقاعات، وننشئها من نغمات أصواتنا أو باستخدام الآلات. لدينا تقاليد وتراث وخبرات تثبت أن الموسيقى تجري في دمائنا بقدر الشعر والكلمة المنطوقة، إنّها جزء من حكاياتنا.

الفنّانة التشكيلية زهرة بندقجي، هي فنّانة باحثة لها تخصصات متعددة وتركز على الاستكشافات الإثنوغرافية من خلال الفنّ. تهتم حاليًا بالرقص والموسيقى في الأماكن الخاصة والعامة. ومع ذلك، فإن الفنّ هو وجهتها التي من خلالها تفهم الموسيقى وتحليل الرقص. لذا فإن فهم ما يعنيه الفن بالنسبة لها بدا وكأنه نقطة انطلاق طبيعية.

"للفنّ أوجه متعددة، فهو يعني أشياء مختلفة لأشخاص مختلفين"، هذا سر انجذاب الفنّانة زهرة نحو الفن. تشرح كيف يمكن للموسيقى أن تتراوح بين رمزية الإعلان إلى رمزية الحالة، ومن الترفيه إلى الاهتمام، ومن وسيلة للتعبير إلى حرفة، يرى بعض الناس الفنّ على أنه ظاهرة ثقافية، "تنمية التراث والخبرات المكتسبة والمتبادلة"، أو "وعاء فارغ يملأ بالمعنى". الفكرة هي أنّ الفنّ يمكن أن يكون عالمًا ذاتيًّا، خاصةً "عندما ترى كيف يختلف الفنّ بناء على موقع الشخص".

صوت الإنصات، 2022، بإذن من الفنانة زهرة بندقجي.

ومع ذلك فهي تنظر إلى الفنّ وتستخدمه بشكل مختلف: "الطريقة التي أستخدمه بها: كوسيلة تواصل وطريقة لتصوير العالم حتى يتمكن من رؤية ذاته". يبدأ كنقطة مرجعية أنها كرات الثلج في مشروع بحث كامل، والجانب الفنِّي منه بمثابة تصوير مرئي متاح للبحث.

إن فهم زهرة للفنّ والممارسة هو نتاج لتأثيراتها. من باسكيات إلى أندي وارل، تفهم تأثير كل فنّان على المشهد الفنِّي المعاصر وكيف لعب دورًا في إنشاء مشهد فني يتجاوز الأعمال الفنِّية فقط - لأنها قد لا تحب فنّهم، ولكنها تعجب بتأثيرهم على تاريخ الفنّ، مثل "دمج الحياة الاجتماعية مع ممارساتهم الفنِّية”.

عندما سُئلت عن الفنانين الذين أثروا في عملها، كان لديها بضعة أسماء جاهزة، مثل ساسكيا نور فان إمهوف، فنانة التركيب التي تستخدم عملها كوسيلة للاحتفال بالوقت؛ إيتيل عدنان، لحضورها وتأثيرها. وريم الناصر لتجاوزها الأوساط الاجتماعية وعملها على تحدي صدماتها.

إعجابها بهؤلاء الفنّانين وممارستهم دفع زهرة لأن تكون مناصرة للكمال في مسيرتها، لكنها تبنت مؤخرًا شعار (فقط افعلها) "Just Do It" من Nike. وهي تؤثث فنّها على البحث، فهي تجري الكثير من البحث والعمل الميداني، تقول: "لدرجة أنني إما أن أحرقها، أو أفقد البحث، أو لا أعرف كيفية توصيلها من خلال الفنون البصرية"، وبسبب عمق البحث وحجمه، يحتم على أدائها أن يتطور. "لقد أصبح الأمر أقل من مجرد فقط افعلها، حتى تتمكن من القيام بذلك". إنه الآن عمل فنّي يمثل كل خطوة من خطوات بحثها حتى تصل إلى نهايته الطبيعية.

"استمر في العمل، تبنى رغبة قوية وملموسة، أعر انتباهًا، ومارس العزف".

هذه العناصر عبارة عن تعويذات وطرق عملية تساعد زهرة على الابتعاد عن البحث المقلق، من أجل إنتاج المزيد من الأعمال الفنِّية. جزء من ذلك هو "الاستمرار في الكتابة وخلق طرق جديدة للتفكير والرؤية". وبهذه الروح، فإن أساليبها هي أيضًا طرق يمكن للفنّانين الجدد  تطوير ممارساتهم من خلالها. قامت زهرة ببناء عالمها من خلال تكوين صداقات حقيقية مع أشخاص في عالم الفنّ، وهذا "يبني تواصلًا أكثر من مجرد لقاء"، وهو ما توصي به الجميع، خاصةً إذا كانت هذه الصداقة مهمة، ويمكن أن تساعدهم في بناء أدواتهم وفهمهم طريقة عملهم.

يخالج زهرة المتعة عندما يتعلق الأمر بالموسيقى، فقد كان جزءًا من مهاراتها المنزلية، وأسلوبًا عائليًّا "كلهم يعزفون على آلة موسيقية"، ومهارة من حياتها الاجتماعية. لذا فإن الموسيقى بالنسبة لها هي "وسيلة إبداعية اجتماعية وسيطة". إعجابها بالموسيقى لا يكون فقط للأصوات الجميلة التي تخلقها، ولكن لأن هذا الشيء العابر "يتجاوز جميع الطبقات الاجتماعية والعرق والجنس، وهو أيضًا حل للعديد من المشكلات التي نواجهها كمجتمع".

صوت الإنصات، 2022، بإذن من الفنّانة زهرة بندقجي.
"الموسيقى تجمع العديد من فئات العالم معًا".

عندما تتحدث عن بحثها في الحياة الليلية وعن الموسيقى والفن، كجزء من كتابها صوت الإنصات، فإن كرة الديسكو تمثل دراستها لهذا التكرار المعين الناتج عن اهتمامها بالمساحات التي تخلقها الموسيقى. كما أن بحثها لا يدور حول الموسيقى فحسب، بل أيضا يتطرق إلى "كل شيء تؤثر عليه الموسيقى". إن عملها عبارة عن اندماج لتجارب موسيقية مختلفة من البهجة العامرة في الناس، وما يحيطها من ظواهر معمارية.

"الموسيقى ثقافة لكنها أيضًا هندسة"، جزء منها هو التخطيط الحضري للأحداث المختلفة والمساحات الثابتة وكذلك المساحات الخاصة. أثرت الموسيقى والحياة الليلية على حياة الكثير من خلال "الطرق التي نكثف بها أصواتنا والأصوات الأخرى". لقد كانت الموسيقى دائمًا جزءًا من "نسيج مجتمعنا الذي لا نراه". بهذا المعنى، صارت الموسيقى جزءًا دائمًا من طقوسنا وحياتنا اليومية، جاهزة لقيادة صباحنا، مثل الاستماع إلى فيروز في الصباح أو الرقص أثناء الطهي.

ومع ذلك، بالنسبة لها "الموسيقى ليست مجرد وسيلة ترفيه وتسلية واحتفال، إنما ممارسة وثقافة، وتستحق فسحة دائمة" حتى نتمكن من فهمها بشكل جوهري، عليك أن: "تستمع إلى هذه الكلمات؛ لهذه التجارب ووجهات النظر. خاصة مع الموسيقى، يجب أن تكون الموسيقى موجودة، ذلك أن الرقص والموسيقى التقنية يجب أن يكونا موجودين في الخارج أو أن يتم رؤيتهما خارج نطاق الحفلة ". لكي توجد بعد ذلك، "القطعة المفقودة ... هي الاستماع". حتى يستمع الأشخاص إلى الموسيقى التي يحتاجون إليها وتجربتها بطريقة هادفة وتعليمية.

صوت الإنصات، 2022، بإذن من الفنانة زهرة بندقجي.

عمل زهرة ليس عملًا موحدًا، تقول: "لدي الكثير من الصور والتسجيلات التي هي أعمال فنيّة صغيرة لوحدها". جزء من عملها هو إنتاج الموسيقى، ومراقبة الناس، وإجراء المقابلات معهم، وتسجيل مقاطع الفيديو والملاحظات. كلها بمثابة طرق صغيرة، لها أن تتطور نحو أعمال فنية أدق، والأهم منها تلك التي تتحدث عن مجال واحد وتتراكم معًا في مجموعة عمل. لذا فإن أعمالها تتحول لتصبح دومًا نتاجًا لأبحاثها، وليس الغرض منه مجرد استجابة لمعرض أو فرصة.

بمعنى آخر، كانت كرة الديسكو عبارة عن مادة لجلب الناس إلى المكان، وتجربة الموسيقى وإجراء البحث الذي تقوم عليه، وتقول: "إن فنّي البصري عبارة عن قطعة جبن في مصيدة فئران، أقدمه حتى يتمكن الناس من الحضور وقراءة بحثي"، الفكرة إذن أن تخلق عالمًا آخر لعملها الفنِّي، للتأكد من أنه يطفو ويصبح تجربة لنقل أبحاثها كمعلومات يستفيد منها جمهورها.

إعادة تعيين الألوان