نحن نعد شيئًا رائعًا من أجلك.

عدسات من الطّبيعة
A-
A+
وجهات استكشافية

عدسات من الطّبيعة

عدسات من الطّبيعة

الحرذون السينائي بألوانه الخلّابة وتفاصيله المدهشة، في حرة الرهاة بمنطقة تبوك، بإذن من الرحالة إبراهيم سرحان.
 

بقلم ليلى الزاهد
April 7th, 2025
في رحلتي مع التّصوير، أجدُ نفسي في بحثٍ دائمٍ عن الجمال، سواء في المشاهد الطبيعيّة الواسعة كالجبال الشّامخة والسّهول الممتدة، أو في أدقّ التفاصيل كنقش الرّياح على الرّمل. وهذا التنوع المذهل في الطّبيعة يجعلها نبعًا لا ينضب للإلهام والإبداع في شتّى مجالات الحياة.
- الرّحالة إبراهيم سرحان.

التّصوير ليس مجرّد وسيلةٍ للتّوثيق، بل أداة تدعونا لرؤية العالم من خلال عدساتٍ وزوايا مختلفة، خاصّة عندما تكون هواية في يد رحّالة يوثّق بكلٍ شغفٍ أدقّ تفاصيل الطّبيعة من سهولٍ وصحاري وجبال، تاركًا لنا الاستمتاع بها والغوص في جماليّاتها. 
 

لمحةٌ عن الرّحالة إبراهيم سرحان

إبراهيم سرحان، هو رحّالةٌ ومستكشفٌ سعودي يوثّق تنوع الحضارات والثّقافات حول العالم من خلال الكتابة والتّصوير، ألّف كُتبًا من بينها: شْدَاد وسباقات الهجن في تبوك. تمَّ تكريمه من قبل الرّئيس التّنفيذي لهيئة التّراث نظير جهوده وإسهاماته في مجالات التّراث المتنوّعة، كما حصل على تكريم من سمو أمير منطقة القصيم، صاحب السّمو الملكي الأمير فيصل بن مشعل آل سعود، في جائزة «قدوة»، ضمن فعاليات برنامج (تعزيز الأمن الفكري بإمارة منطقة القصيم) لإسهامه في تعزيز المحتوى الثقّافي الهادف.
يقول الرّحالة إبراهيم: "إنّ الشّغف للطّبيعة والثّقافة يمتدّ إلى أبعد من مجرّد التقاط الصّور، فهو مزيج من مشاعر وتجارب نمت منذ الصّغر، شكّلتها الحياة والتّجارب المختلفة. لذا لا أحبّ أن أُعرَّف كمصوّر، فالكاميرا بالنّسبة لي هي مجرّد أداة أعبّر من خلالها عن حبّي للطّبيعة وشغفي بالثّقافات المختلفة".
يعودُ الفضل في تأجّج شغفه بالتّصوير الطّبيعي إلى أنّه يجد نفسه دائمًا محاطًا بمشاهد طبيعيّةٍ آسرةٍ من طبيعة المملكة العربيّة السعوديّة، وهذا الثّراء الطّبيعي كان الملهم الأوّل لعدسته، والدّافع الأكبر لتطوير هذه الهواية والشّغف.
 

قرية غية الأثرية، في محافظة المجاردة في منطقة عسير، بإذن من الرّحالة إبراهيم سرحان. 
الطّبيعة في عدسة الرّحالة

ويوضّح إبراهيم أسباب حبّه لتصوير الطّبيعة وتوثيقها، قائلًا: "إنّها آسرة لأسبابٍ عميقةٍ ومتشابكة. فالطّبيعة التي أبدعها الخالق هي اللّوحة الكاملة التي لا يشوبها خلل، حيث يتكامل كلّ عنصرٍ فيها مع غيره في تناغمٍ بديع. وحين أقفُ أمام مَشهدٍ طبيعي، تغمرني مشاعر الصّدق والأصالة التي لا مثيل لها. 
ويعودُ الفضلُ في تأجّج شغفي بالتّصوير الطّبيعي إلى أنّني أجدُ نفسي دائمًا محاطًا بمشاهد طبيعيّة آسرة من طبيعة المملكة العربيّة السعوديّة، هذا الثّراء الطّبيعي كان الملهم الأول لعدستي، والدّافع الأكبر لتطوير هذه الهواية والشّغف بها".

ويضيف إبراهيم: "لعلّ ما يجذب النّاس لصور الطّبيعة هو ذلك الحنين الفطريّ الذي يربطنا بالأرض التي خُلقنا منها، خاصّة في عصرنا الحالي الذي أخذتنا فيه المدنيّة الحديثة بعيدًا عن جمال الطّبيعة وسحرها. فتأتي الكاميرا لتمنحني فرصة توثيق هذه العلاقة الأزليّة وإعادة اكتشافها. ومما يؤكّد عمق تأثير الطّبيعة في النّفس البشريّة، أنّ الشّركات والمسوّقين يدركون هذا السّحر الخاص. فتراهم يقدّمون منتجاتهم على أنّها مستوحاةٌ من الطّبيعة أو قد تكون طبيعيّة خالصة، مستثمرين تلك العلاقة الفطريّة التي تربط الإنسان بالطّبيعة وحنينه الدّائم إليها، في عصرٍ باتت فيه لحظاتُ الاندماج مع الطّبيعة والاستمتاع بجمالها نادرة وثمينة".
في رحلته مع التّصوير، يخبرنا إبراهيم أنّه في بحثٍ دائمٍ عن الجمال، سواء في المشاهد الطبيعيّة الواسعة كالجبال الشامخة والسهول الممتدة، أو في أدقّ التّفاصيل كنقش الرّياح على الرّمل. وهذا التنوع المذهل في الطّبيعة يجعلها نبعًا لا ينضب للإلهام والإبداع في شتى مجالات الحياة.

تشكيلات صخريًة طبيعيًة من محميّة مجامع الهضب، بمنطقة الرياض. بإذن من الرّحالة إبراهيم سرحان. 
شروق الشمس على جبال محافظة هروب، في منطقة جازان. بإذن من الرحالة إبراهيم سرحان. 
صعوباتٌ تواجه الرّحالة

يقول إبراهيم: "كلّ قصّة أو صعوبة هي جزءٌ من الرّحلة لالتقاط الصّورة، بل إنّني في كثيرٍ من الأحيان أطمئنّ أكثر عند وجود هذه الصّعوبات، وأعتقد أنّه مع زيادة الصّعوبة والجهد، يصبح المقابل أكثر رضًا ودهشة".
 

ضحكات من الصّحراء

ويشاركنا إبراهيم لقطةً رائعة، يقول فيها: "لحظةٌ عفويةٌ لفتياتٍ يتمايلن بمرحٍ مع حبلٍ مجدولٍ في مخيّم صحراويّ على أطراف الرّبع الخالي في فصل الشّتاء. ترتدي الفتيات فيه فساتين تقليديّة ومن خلفهنّ يمتدّ نسيج السّدو التّقليديّ بنقوشه التي تعكس فنّ النّسيج البدويّ الأصيل. الصّورة تلتقط لحظةً عفويةً من الفرح الخالص، حيث تنعكس ضحكات الفتيات في تعابير وجوههنّ المشرقة، مجسّدةً روح المرح والحريّة التي يمنحها المخيّم الصحراوي. المشهد بأكمله يمثّل لوحةً حيّةً تجمع بين عناصر التّراث والطّفولة والطّبيعة الصّحراوية في تناغمٍ بديع".

فتيات يقضين وقتًا من المرح واللًعب، في إحدى القرى المجاورة للربع الخالي، بإذن من الرّحالة إبراهيم سرحان. 
دور المصوّر في التّوعية بأهميّة الحفاظ على البيئة

وعن التّصوير والبيئة يحدّثنا إبراهيم قائلًا: "إن للصورة دورٌ محوريٌّ وفريد في مجال التّوعية البيئيّة، فالعدسة تستطيع أن تنقل الجمال الطّبيعي بطريقةٍ تُلامس القلوب قبل العقول، وتسهم في تعزيز الوعي البيئي وتشجيع المجتمع على المشاركة في جهود الحفاظ على البيئة".
للطّبيعة في المملكة العربيّة السعوديّة مكانةً خاصّةً عند الرّحالة إبراهيم، حيث يضيف قائلًا: "الصّورة الواحدة قد تكون أبلغ من آلاف الكلمات في إظهار قيمة ما تزخر به المملكة العربيّة السعوديّة من ثروات طبيعيّة خلّابة، وخاصّة في ظلّ الرّؤية الطّموحة التي أطلقها سيدي صاحب السّمو الملكي الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - والتي تضع البيئة وحمايتها في صميم أولويّاتها، وقد لمس الجميع اهتمام سموّه الكريم بالبيئة والطّبيعة، من خلال خطاباته العديدة وتأكيده المستمرّ على أهميّة الحفاظ على الطّبيعة والتّعايش معها وليس على حسابها".

كثبان هلالية في الربع الخالي، وتظهر السيارة كنقطة بيضاء صغيرة لتوضيح الحجم. بإذن من الرحالة إبراهيم سرحان. 

ويختم إبراهيم اللّقاء بقوله: "قد يكون التّواصل الإنساني هو المحور الذي تدور عليه غالبية الأعمال الفوتوغرافيّة التي أقوم بها، فأنا أحبّ التّواصل مع النّاس والثّقافات المختلفة، ولذا بدأتُ هذه المسيرة برحلةٍ حول أطراف العالم وغاباته وجباله وشعوبه النّائية، من أجل القصص الإنسانية التي تستحقّ أن تُروى".

أعمالٌ أخرى للرّحالة إبراهيم سرحان:
ناقةٌ وحيدةٌ في مشهدٍ من الصّفاء والوحدة بين رمال أبرق العزّاف، في محافظة الحناكية بمنطقة المدينة المنورة. بإذن من الرّحالة إبراهيم سرحان. 
فوهة بركان الرأس الأبيض، في حرة خيبر بمنطقة المدينة المنورة، وتعتبر من فوهات البراكين الفريدة على مستوى العالم نظرًا للونها الأبيض المميز. بإذن من الرّحالة إبراهيم سرحان. 
إعادة تعيين الألوان