نحن نعد شيئًا رائعًا من أجلك.

حيث تلتقي الطبيعة بالثقافة والمجد: اليابان المصغّرة في إثراء
جسور: حوار بين الثقافات

حيث تلتقي الطبيعة بالثقافة والمجد: اليابان المصغّرة في إثراء

حيث تلتقي الطبيعة بالثقافة والمجد: اليابان المصغّرة في إثراء

استلهامًا من الطبيعة، واندماجًا في حكايتها: أيام الثقافة في إثراء (اليابان). صورة بعدسة أحمد الثاني.
 

بقلم ريم الغزال
April 7th, 2025

"تمَّت إعادة إحياء نسخة مصغّرة من اليابان في إثراء، حيث تجسّدت عناصر من الثقافة اليابانية التقليدية والشعبية والمعاصرة، وأُتيحت للجمهور فرصة لقاء ثقافتنا."
سعادة مورينو ياسوناري، سفير اليابان لدى المملكة العربية السعودية.

الحرير، السكينة، والتقدير العميق للتفاصيل البسيطة في عالمنا المشترك - المستندة إلى قيم الصبر، التواضع، والمجد - هي من العناصر التي تمنح الثقافة اليابانية تفرّدها، ومع ذلك، تجعلها عالمية يحتفي بها الجميع.

انغمس زوّار أيام إثراء الثقافية (اليابان) في إثراء في تجارب ثقافية فريدة؛ من مراسم الشاي إلى تنسيقات الأزهار المتباينة في الإيكيبانا، التي وتعكس تقديرًا عميقًا للطبيعة والحِكم التي تواصل تعليمها لنا كلَّ يوم. 

في مقابلة مع إثرائيات، أشاد سعادة مورينو ياسوناري، سفير اليابان لدى المملكة العربية السعودية، بالمعرض قائًلا: "استمتعت حقًّا برؤية تجسيدات متنوعة للثقافة اليابانية، من الحديثة إلى التقليدية والشعبية، فهذه الفعاليات الثقافية التبادلية تسهم بشكل كبير في تعزيز الفهم بين الثقافات، وتولّد تقديرًا جديدًا للآخرين ولثقافاتهم".
 

من الجدير بالذكر أنَّ عام 2025 من الأعوام المهمَّة لليابان، إذ يصادف الذكرى السبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين اليابان والمملكة العربية السعودية، إضافة إلى استضافة معرض إكسبو العالمي في أوساكا.
 

وأعرب السفير عن ذلك بقوله: "إحدى الرسائل الأساسية لمعرض أوساكا إكسبو هي أهمّية الحوار الثقافي وبناء جسور جديدة من الفهم داخل المجتمع الإنساني العالمي، كما أنّ اليابانيين يحترمون الثقافات الأخرى، ويستمتعون باستكشافها للتعرّف عليها بشكل أعمق، لذا سيكون هذا الوقت فرصة رائعة لنا وللثقافات الأخرى للتعلّم من بعضنا بعضًا".

سعادة مورينو ياسوناري، سفير اليابان لدى المملكة العربية السعودية، خلال زيارته لأيام إثراء الثقافية (اليابان) . بعدسة المصور أحمد الثاني . 
الصورة بعدسة: أحمد الثاني. 
التقدير العميق والترابط مع الطبيعة في أيام إثراء الثقافية (اليابان).

قدّمت أيام إثراء الثقافية (اليابان) تجربة غنية ومتنوعة، شملت عروضًا سينمائية، ومجموعات من الكيمونو التقليدي الأنيق، إضافة إلى ورش عمل تفاعلية تعلّم كلَّ شيء من صناعة السوشي والأوريغامي إلى الخط والفنون اليابانية.
 

وعبّر سعادة مورينو ياسوناري عن بهجته، قائلًا: "استمتعت حقًّا بالعروض المختلفة، لكن أكثر ما أعجبني كان عرض الكابوكي، ذلك الأداء الدرامي التقليدي الذي يمزج بين الرقص والموسيقى". 
 

مسرح الكابوكي، الذي أُدرِج في عام 2008 ضمن القائمة التمثيلية لليونسكو للتراث الثقافي غير المادّي للبشرية، هو نوع تقليدي من المسرح الياباني يعود تاريخه إلى أوائل القرن السابع عشر خلال فترة إيدو، حيث لاقى رواجًا واسعًا بين سكان المدن.


يتميّز الكابوكي بأسلوبه المسرحي الفريد والمُبهرج، مقدّمًا عروضًا درامية تتناول أحداثًا تاريخية، وصراعات أخلاقية في العلاقات الإنسانية.
 

كما اختتم سعادة السفير حديثه: "تمَّت إعادة إحياء نسخة مصغَّرة من اليابان في إثراء، حيث تجسَّدت جوانب من الثقافة اليابانية التقليدية والشعبية والمعاصرة، وأُتيحت للجمهور فرصة التعرّف على ثقافتنا عن قرب".


استقطبت أيام إثراء الثقافية (اليابان) أكثر من 340,000 زائر، في تجربة مثّلت جسرًا للتبادل الثقافي، حيث التقت الأفكار، وتبادلت الرؤى، وتعمّقت التفاعلات بين الثقافات.
 

الكابوكي - عرض ياباني تقليدي يجمع بين الدراما، والرقص، والموسيقى، من أيام إثراء الثقافية (اليابان)، يناير - فبراير 2025، الصورة بعدسة: عمر عبد الله. 
أمور مبهجة تركتها أيام المعرض في إثراء لجميع الحضور.

كما وصفت ميي ناغاي، الخبيرة في فنِّ الإيكيبانا التقليدي لتنسيق الزهور ومراسم تحضير الشاي، والتي قدَّمت ورش عمل في إثراء: "ليس من الضروري أن يكون تنسيق الزهور ممتلئًا أو متماثلًا تمامًا لنشعر بجماله؛ فترتيب بسيط وغير متناظر، مع غصن شجرة واحد، يمكن أن يضفي إحساسًا بالسلام والبساطة على المنزل"، مؤكِّدة أنَّ الإيكيبانا تمنح الطبيعة حضورًا في منازلنا.


في أحد الأكشاك التي مررنا بها، كان النحات الياباني التقليدي للحلوى - تاكاهيرو ميزوكي - يعمل بصمت على تشكيل مجسّم جديد لحيوان، بعدما ترك وظيفته "المملّة" كموظَّف حكومي ليسخّر مهاراته في فنِّ صناعة الحلوى، حيث يقوم بتسخين السكر وتشكيله ليحوله إلى قطع فنّية مذهلة.


يقول تاكاهيرو ميزوكي عن هذا الفنِّ، وهو واحد من بين عشرة فقط يمارسونه في اليابان: "علمت من خلال المشاهدة المستمرَّة، ثمَّ ذات يوم قرَّرت التجربة، ومنذ ذلك الحين وقعت في حبِّ هذا العمل، وأستمتع كلَّ يوم بصنع الحلوى التي تجلب السعادة للجميع، وأضاف مبتسمًا: "كلُّ قطعة حلوى هي تحفة فنّية، وكثيرون لا يرغبون في تناولها، بل يفضِّلون الاحتفاظ بها."


أمور مبهجة تركتها أيام المعرض في إثراء لجميع الحضور.

الكابوكي - عرض ياباني تقليدي يجمع بين الدراما، والرقص، والموسيقى، من أيام إثراء الثقافية (اليابان)، يناير - فبراير 2025، الصورة بعدسة: عمر عبد الله. 

حتى التنين الأسطوري ظهر في أيام الثقافة اليابانية بإثراء، حيث كان موضوعًا لقسم من معرض الكيمونو تحت عنوان "هاوري" (حرير نقي، 1926-1960م). يُعتبر التنين، الذي جاء إلى اليابان من الصين جنبًا إلى جنب مع العنقاء، رمزًا مبشّرًا، وغالبًا ما يُزيّن الهاوري. يجمع هذا الكائن الأسطوري بين صفات عدّة حيوانات، فهو يمتلك قرون الغزال، ورأس الجمل، ومخالب النسر. كانت التنانين تُعدّ "آلهة الماء" بحسب المعتقد السائد، ويُعتقد أنّها تستدعي المطر والغيوم، وكانت ترمز في الصين القديمة إلى نبل الإمبراطور وعظمته، كما تمثّل صورة التنين وهو يصعد إلى السماء النجاح، والتقدّم، وتحقيق الطموحات العظيمة.
 

الصورة بعدسة: ريم الغزال.

وعن المشاركة الثقافية بين البلدين، حدّثتنا الأستاذة مها عبد الهادي، المسؤولة عن أيّام إثراء الثقافية، ومديرة المشروع، بقولها: "على الرغم من المسافة الجغرافية بيننا، فإنَّ الثقافتين اليابانية والعربية، بما في ذلك الثقافة السعودية، تتقاطعان في أوجه تشابه مثيرة للاهتمام، على الرغم من تميّز كلّ منهما بخصائصها الفريدة"، وأضافت: "تشترك ثقافاتنا في قيم أساسية، مثل الاحترام العميق للتقاليد، والترابط الأسري، والتقدير الكبير للفنون، إلى جانب الفخر بالعادات الغذائية والأكلات التقليدية التي تمثّل جزءًا أصيلًا من تراثنا".
وأشارت بقولها: "يتميّز اليابانيون بارتباطهم العميق بالطبيعة، وهو ما يتجلّى في كلّ تفاصيل حياتهم، من ملابسهم ومنازلهم إلى عاداتهم اليومية. فهم يقدّرون تعاقب الفصول، ويعكسون هذا التقدير في طقوسهم وأساليب معيشتهم، ما يجعل الطبيعة جزءًا لا يتجزأ من ثقافتهم، العلاقة بين الثقافتين اليابانية والعربية تكشف عن نسيج غني من القيم المشتركة والاختلافات الفريدة. والاحتفاء بهذه الروابط والفروقات يسهم في تعزيز الفهم العميق، والتقدير المتبادل بين الشعوب".
إنَّ التفاعلات الثقافية تترك أثرها العميق في الذاكرة، وهذا ما لمسناه من خلال احتساء كوب من الشاي، أو التجول في معرض فنّي، أو تذوّق وجبة تقليدية، فهي تبني جسورًا متينة من الفهم والتقدير، تمتدُّ عبر الأجيال، وتُعاد صياغتها باستمرار في عالم يشهد ترابطًا متزايدًا.
تمتّعوا بمزيد من اللحظات المصورة والمعبّرة عن أيام إثراء الثقافية (اليابان)!
 

معرض الكيمونو في إثراء: رداء طويل بأكمام واسعة يُرتدى تقليديًّا مع وشاح عريض كملبس خارجي في اليابان. تعني كلمة كيمونو حرفيًّا "شيء للارتداء" (كي بمعنى "ارتداء"، ومونو بمعنى "شيء").
تجسِّد الكيمونو اليابانية عناصر الطبيعة والأساطير والثقافة من الطيور والزهور إلى أزهار الكرز والمناظر الطبيعية، ما يحوّلها إلى أكثر من مجرّد قطعة ملابس، بل إلى لوحة فنّية حيّة تربط بين الماضي والحاضر، متجاوزة حدود الزمن والثقافة.
احتفوا بجمال الكيمونو الخالد، وبقدرته على الوصل والإلهام والتحوّل داخل اليابان وحول العالم.
 

الصورة بعدسة: أحمد الثاني.

لقطة مقرَّبة من الكيمونو:
يبرز طائر العنقاء بجرأة على قماش حريري لامع. في التقاليد اليابانية، يُقال إنَّ العنقاء تسكن في أشجار البولونيا، وتتغذَّى على ثمار الخيزران، وتشرب الرحيق. كما يُروى أنَّها لا تظهر إلّا في أوقات السلام، وعند تحليقها في السماء، لا تهتزُّ النباتات والأشجار، ولا يُسمع الرعد أو العواصف، بينما تتبعها الطيور الأخرى. تُعدُّ بيض العنقاء إكسيرًا للخلود وطول العمر، فيما يجسِّد الطائر نفسه معنى التجدّد والانبعاث.
 

معرض الكيمونو في أيام إثراء الثقافية (اليابان).الصورة بعدسة: ريم الغزال. 
إعادة تعيين الألوان