رمز الفخر: النمر العربي الغامض
رسم همبريش وإهرنبرغ لفليس نمر، 1833.
بإذن من مكتبات وأرشيفات سميثسونيان من خلال مكتبة تراث التنوع الأحيائي
في 12 يونيو 2023، وسعيًا من "الجمعية العامة للأمم المتحدة" للتوعية بهذا الرمز الوطني، أعلنت يوم 10 فبراير، "اليوم العالمي للنمر العربي" في القرار 77/295، حيث أطلقت الهيئة الملكية لمحافظة العلا يوم النمر العربي لأول مرة في عام 2022.
تهدف الأمم المتحدة - من خلال الاحتفال بهذا اليوم – إلى استعادة النمر العربي بوصفه نوعًا محوريًّا وحاسمًا في عمليات الحفظ والاستدامة بمنطقة وجوده الأصلية، مع التأكيد على الدور الحاسم للتنوع البيولوجي في الحفاظ على صحّة النظم البيئية لكوكبنا ومرونتها، كما ذُكر في موقع هذه المنظّمة الدولية.
النمر العربي -المسمّى علميًّا (Panthera pardus nimr)- يمثّل لدى سكان المنطقة العربية رمزًا للجمال والسكينة والقوة البدنية والشجاعة والحرّية. ولا ينفكّ هذا السنور الكبير الغامض يلهم المخيّلة الجماعية للناس، ويشكّل مادّة دسمة للقصص الأسطورية وحتى التعبيرات اليومية، ففي بعض بلدان المنطقة، يُطلَق على الرجل القوي والشجاع لقب نمر أو نمْران، وعلى المرأة الذكية والشجاعة اسم نمرة.
"أحبّ التنوع الأحيائي الزاخر في بلادنا، وأنا سعيد لأنّ النمر العربي الجميل والقوي يحظى بالاهتمام، لأنّه يشبه المايسترو في فرقة موسيقية بيئية". يقول الأستاذ أحمد البوق، المدير العام لإدارة المحافظة على البيئة البرّية في "المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية."
النمر العربي، على مرّ التاريخ حتى اليوم، يتجول في التضاريس الوعرة المتشكّلة من الجبال الجرداء، والصحاري الرملية الجدباء؛ لذلك لا عجب أنّه ظلّ نادرًا ومختبئًا عن الأنظار، لأنّه يحتاج إلى مشط مناطق شاسعة لإيجاد فرائس كافية تكفل له القوت.
يقول البوق: "ما الاستيلاد والإكثار سوى مكَوّن واحد من فخرنا الوطني، ودافعنا لحماية الطبيعة حيوانها ونباتها، فنحن فضلًا عن ذلك ننشر الوعي البيئي، وثقافة صون الطبيعة، وننظّم حملات وطنية، ونُجري أبحاثًا، وندرّب جيل المستقبل من الفرق الميدانية وحراس المحميات الذين يضطلعون بمهام الحماية والمراقبة فعلًا، وننجز كثيرًا من المهام المختلفة لاستدامة طبيعتنا".
وفي وجود محيط يشجّع ثقافيًّا ودينيًّا على رعاية الطبيعة، لا يتوانى البوق عن إرشاد كثير من الأجيال الشابة وقيادتهم، في مكتبه وخارجه، إلى ضرورة تغيير نظرتهم إلى الطبيعة، حيث يقول بنبرة واثقة: "أصبح شعبنا أكثر وعيًا الآن، ويبذل قصارى جهده لحماية الموائل الطبيعية الشاسعة في بلدنا".
يولد النمر العربي بعيون زرقاء فاتحة أو خضراء غالبًا ما تتحول عند البلوغ إلى لون بنّي ضارب إلى الأخضر الرملي، ويتنوع لون فرائه ما بين أصفر باهت، وذهبي غامق، وبنّي فاتح، ويكون مبقّعًا بأنماط على شكل ورود؛ وغالبًا ما يكون فروه أفتح لونًا من الأنواع الفرعية الأخرى للنمر. ويُعرف بقدرته على تسلّق الأشجار، وهو الأصغر حجمًا من بين الأنواع الفرعية الثمانية للنمر؛ إذ يبلغ وزن الذكر نحو 30 كيلوجرامًا، والأنثى 20 كيلوجرامًا، أيْ نصف حجم أقاربه الأفارقة التي تعيش في السافانا.
وسُجِّلت أبكر الدلائل العلمية على وجود النمر العربي في أوائل القرن التاسع عشر 1833 عندما أمضى عالِما الطبيعة الألمانيان فيلهلم هيمبريخ، وكريستيان إيرينبيرغ زُهاء خمسة أعوام في جمع عيّنات من النبات والحيوان لدى منطقة البحر الأحمر في كلّ من إفريقيا والجزيرة العربية.
وما يزال العالم مبهورًا بهذه القطط المهيبة، حيث تستمرّ القطط بمختلف أحجامها في مصادقة رفاقها من البشر.