نحن نعد شيئًا رائعًا من أجلك.

تأملات فنيّة: انتظار ما لا يأتي
من الميدان:

تأملات فنيّة: انتظار ما لا يأتي

تأملات فنيّة: انتظار ما لا يأتي

إدوارد هوبر، صباح كيب كود (1950)، زيت على قماش، 34 1/8 × 40 1/4 بوصة (86.7 × 102.3 سم)، متحف سميثسونيان للفنون الأمريكية، إهداء من مؤسّسة سارة روبي، رقم الاقتناء 1986.6.92.

بقلم روان طلال
December 30th, 2025


هل تساءلت يومًا كيف يظهر الزمن في اللوحات الفنية؟ بعيدًا عن الظهور الفجّ كساعةٍ رملية، أو ساعة بعقارب.. كيف لا يكون الزمن صريحًا، ولا عابرًا، بل مختبئًا في المتن والتفاصيل. في اللوحة كما في الحياة، لا يقاس الزمن بالدقائق بقدر ما يُحسّ به بالانتظار. اللحظة التي تمرّ ناقصة، لأنّ شيئًا لم يأتِ بعد، اللحظة التي ينعكس فيها الضوء على جدران الغرفة، النظرة المعلقة نحو الباب، أو النافذة، كلّ ذلك يشي بأنّ الزمن ليس مجرد شيء يمرّ بشكل ميكانيكي، بل إحساسٌ يكبر في الروح، ويتردّد بين الرجاء والفراغ، وبين الحركة والسكون. في اللوحات هناك صمت أكثر من الكلام.. أشخاص ساكنون، نساء منتظرات، وأخرياتٌ متأمّلات. وبلاء الانتظار والتأمّل كان في الفنّ نصيبه الأكبر للنساء، انتظار ما لا يعرفن أحيانًا، وما لن يأتي في أحيان أخرى، وهذا شيء لا أفهم سببه. 

الفنّ هو ذاكرة الزمن، واللوحة لحظة أسيرة. في هذا المقال، نذهب في رحلة باتجاه الزمن كما صوّره الفنّ، زمن ساكن في نظرة أحيانًا، وفي مسافة بين الرغبة ووقوعها في أحيان أخرى. 
 

إدوارد هوبر: سكون يشي بالكثير

يُنظر إلى هوبر باعتباره رسام المدن الصامتة، والمشاهد الغارقة في العزلة. في لوحاته لا وجود لحدث رئيسي، لا شيء يحدث، وعلى الرغم من ذلك فكلّ شيء يحدث.. تسيطر الوحدة على شخوص لوحاته، الذين يظهرون غالبًا بمعزل عن أيّ مظهر من مظاهر الحياة الاجتماعية، فهم وحدهم ولو امتلأ المشهد بغيرهم.

 يتجلّى الزمن كعنصر تكويني في لوحاته، في الفراغ وبطء المشهد أو توقفه، الانتظار في لوحاته ليس انتظارًا لحدث خارجي، بل انتظار داخلي، انتظار للذات، ولعودة لحظة ربما فُقدت، وولّت. 

اكتشفوا مفهوم الزمن لدى هوبر عبر اللوحات التالية:
إدوارد هوبر، لوحة أشخاص تحت الشمس (1960)، زيت على قماش، 40 3/8 × 60 3/8 بوصة (102.6 × 153.4 سم)، متحف سميثسونيان للفنون الأمريكية، إهداء من شركة إس. سي. جونسون آند سون، رقم الاقتناء 1969.47.61.
إدوارد هوبر، لوحة صقور الليل (Nighthawks) 1942، زيت على قماش، 84.1 × 152.4 سم (33.1 × 60.0 بوصة)، معهد شيكاغو للفنون. المصدر: ويكيميديا.
ألفرد ستيفنز: زمنٌ مؤجّل

تُجسِّد لوحات ستيفنز لحظات يتوقّف فيها الزمن، نساء عصريات ساكنات في لحظات يومية هادئة، يشي سكونهنّ بانتظار شيء لا يأتي. والزمن في لوحاته زمن صامت، بينما يقول الضوء والظلّ في المشهد كلّ شيء. 


 تأمّلوا مفهوم الزمن لدى ستيفنز، عبر اللوحات التالية: 
 

فيلهلم هامرشوي: فراغ يقول الكثير

غرفٌ بألوان شاحبة هادئة، وأبوابٌ نصف مفتوحة، ونوافذُ بعيدة، ومشهدٌ خلفي لنساء ساكنات.. قد يكون هذا أول ما يخطر على البال عند سماع اسم هامرشوي. لا شيء يتحرّك في لوحاته عدا الضوء، ضوءٌ ينكسر على الجدار، أو على الأرض، زمنٌ متوقّف، يتجلّى في الفراغ. 


في مقالة بعنوان "فيلهلم هامرشوي: نهاية الانتظار" تُشير و.سونغ بأنّ أعمال هامرشوي تبدو كما لو أنّها في نهاية انتظار، بمعنى أنّ الانتظار قد اكتمل، أو أنّه لا ينتظر شيئًا بعد الآن، بل يستقرّ في الصمت. 

 

لا شيء يشير بوضوحٍ إلى الزمن كما يفعل الانتظار، والانتظار أداةٌ لتأمّل بطيء للحظة، تأمّل التفاصيل، والضوء، والفراغ الذي يملأ كلّ ما يحيط بنا. 
 

تأمّلوا الفراغ في لوحات هامرشوي: 

إعادة تعيين الألوان