نحن نعد شيئًا رائعًا من أجلك.

ساعة براغ: إعادة لتعريف الزمن
إسقاطات فنّية:

ساعة براغ: إعادة لتعريف الزمن

ساعة براغ: إعادة لتعريف الزمن

القرص الفلكي لساعة براغ. مصدر الصورة Freepik

بقلم فريق تحرير إثرائيات
December 30th, 2025

في قلب ساحة المدينة القديمة ببراغ، وتحديدًا في الواجهة الجنوبية لبرج قاعة المدينة القديمة، تقف تحفة من القرون الوسطى تمّت الإشارة إليها لأول مرة عام 1410م، وهي ساعة براغ (Pražský Orloj). لا يمكن اختصار التعريف بها بأنّها ثالث أقدم ساعة فلكية في العالم، والساعة الوحيدة التي ما زالت تعمل بدقّة مدهشة حتى اليوم، فهي ليست مجرد ساعة لقياس الوقت، بل تحفة تدور في فلك الزمن، تمزج بين الدقّة الميكانيكية والخيال الرمزي، وفيها يلتقي العلم بالفنّ والإيمان في حركةٍ لا تتوقّف، ولا تنقطع. 

يعود تاريخها إلى بدايات القرن الخامس عشر في بوهيميا، وهي المنطقة التاريخية التي تشكّل اليوم الجزء الغربي من جمهورية التشيك، وعاصمتها التاريخية والحالية براغ التي كانت وقتذاك من أهمّ المراكز الفكرية والعلمية في أوروبا، واجتمع في تصميمها كلّ من صانع الساعات ميكولاش من قدان، والعالم يان شيندل الذي ينسب إليه التصميم النظري للساعة.


تتكوّن الساعة من ثلاثة أجزاء رئيسية، وهي القرص الفلكي، وقرص التقويم، والعرض الحركي. يُعدّ القرص الفلكي الجزء الأقدم في الساعة، أنشئ عام 1410، ويظهر موقع الشمس والقمر وحركتهما، كما يعرض الوقت بعدّة أنظمة، وهي التوقيت البوهيمي القديم، والتوقيت المدني الحالي، والساعات البابلية. وفي وقتٍ لاحق أضيف قرص التقويم، والتماثيل القوطية التي تُشارك في العرض الحركي. صمّم قرص التقويم الفنان التشيكي جوزيف مانِس، ويُظهر أشهر السنة وأيامها وأعياد القديسين، ويُحيط بها رموز الأبراج الفلكية، وفي الجزء الثالث المعني بالعرض الحركي يطلّ موكب الحواريين الاثني عشر من نافذتين في أعلى القرص كلّ ساعة، بينما يقرع الموت -وهو تمثال على شكل هيكل عظمي- الجرس، ويهزّ الغرور مرآته -وهو تمثال لرجل يحمل مرآة- ويصيح الديك الذهبي ليُعلن عن نهاية العرض. 
 

واجهة ساعة براغ. مصدر الصورة Freepik.  

لم يكن مرور الزمن وكوارثه هيّنًا، فقد خضعت ساعة براغ لسلسلة من الإصلاحات والترميمات المتعاقبة منذ القرن الخامس عشر حتى اليوم، أهمّها عودتها للعمل عام 1948م بعد الحرب العالمية الثانية، وانتفاضة براغ، لتكون بذلك أقدم ساعة فلكية في العالم ما تزال تعمل. اليوم في ساحة المدينة القديمة ببراغ، يحتشد مئات الأشخاص في رأس كلّ ساعة، ليشاهدوا هذه المسيرة، ويتأمّلوا تُحفة تُعيد تعريف الزمن وتحرّكه، وتخبرنا بأنّنا بعد كلّ هذا ربما أسأنا فهم الزمن، وقيّدنا دورانه، وبدلًا من قياسه ربما علينا أن ننغمس في عيشه، والتأمّل فيه. 

قرص التقويم لساعة براغ. مصدر الصورة Freepik. 
إعادة تعيين الألوان