نحن نعد شيئًا رائعًا من أجلك.

أماكن - حكاياتٌ تحكيها المسوّدات
كاتب العمود

أماكن - حكاياتٌ تحكيها المسوّدات

أماكن - حكاياتٌ تحكيها المسوّدات

صفية بن زقر. دراسات لروشان في البلد، 1978. رسم بالقلم الرصاص 23 × 19 سم. بكرم من صفية بن زقر.

بقلم فينيشيا بورتر
July 25th, 2022

حين كنت أنتقي الأعمال الفنّية التي ستُعرض في «أماكن»، كنت أميل بشدّة إلى الفنانين من مختلف الأجيال الذين يرسمون بأيديهم. ففي عصرٍ يسهل فيه القيام بالكثير رقميًا، انحاز حتّى أبرع وأشهر الفنانين إلى تنفيذ لوحاتهم على أجهزة الآيباد الخاصة بهم عوضًا عن تلك المهارة الفذّة التي توحّد العينين واليدين.

تعلّمت «صفية بن زقر» الرسم في القاهرة حيث قضت طفولتها، وأتقنت كل ما يخصّ القواعد والألوان، من الرسم المنظور وحتى الطبيعة الساكنة.

وعندما كانت في كلية سانت مارتن للفنون في لندن عام 1978، بدأ انبهارها وشغفها بالطباعة. وبفضل التقنيات المبتكرة الجديدة، تعلّمت كيفية تحويل رسم مبدئيّ بسيط لمنزلها القديم في حارة الشام بجدة، أو الرواشين الخشبية الشهيرة التي تميّز المدينة القديمة، إلى نقشٍ أو حفر مائي. لم يفارقها هذا الشغف بالرسم قطّ، وتجلّى في رسوم المسوّدات الخاطفة التي نفّذتها بالحبر أو الرصاص على ظهر تصاريح صعود الطائرات أو مفكرات الفنادق. 

«صفية بن زقر» دراسات لروشان البلد، 1978. طباعة بالحفر رقم 30/30. مقاس 28 × 19 سم. بكرم من صفية بن زقر.
«صفية بن زقر» منزل عائلة «بن زقر» في حارة الشام في البلد. جدّة 1978. طباعة بالحفر رقم 12/15. مقاس 36 × 26 سم. بكرم من صفية بن زقر.

،هناك طابعٌ غير رسمي خاص لتلك لأعمال المنفّذة على الورق، فرسوم عبد الحليم الرضوي المبدئيّة الدقيقة والصغيرة بالأحبار وألوان الماء وتجاربه في الطباعة تتباين وتتضاد مع اللوحات الزيتية الكبيرة التي اشتهر بها أكثر.

تطوّرت صناعة الكتب فنيًّا على يد الفنانين العراقيين، وخاصة الفنان ضياء العزاوي الذي صمم ورسم على مدار عقودٍ مئات الكتب التي يستخدم فيها المصطلح العربي دفاتر، والكثير منها مستوحى من الشعر.

يتولّى ضياء تصميم كل شيء يخصّ الكتاب، بدءًا من الغلاف وحتّى محتوياته الداخلية، وهذه هي الأشياء الملموسة الجميلة.
 

وتلك التي أعارها لأماكن تعرض قصائد صديقه المقرب الشاعر العراقي مظفّر النواب، المشهور بأسلوبه الخاص في الكتابة بلهجة سكان جنوب العراق. في الكتاب المرسوم هنا، عزاوي يطوّق النص برسوماته أو يمدها بجانبه. 

يستحضر "صادق القويش الفراجي" أيضًا في لوحاته «الشجرة التي أحبّ في شارع نواس» روح العراق التي يفتقدها، والشارع هو أحد ضواحي بغداد التي أحبَّها.

«ضياء العزاوي»دفاتر فريدة مستلهمة من مظفر النوابمامش مايل، وقصائد أخرى، 2014للريل وحمد وقصائد أخرى، 2000جذّاب لمظفر النواب، 2017الدفتر الكبير بغلافه القماشي مفتوح على القصيدة التي كتبها العزّاوي بخط يده مامش. بجانبه أصغر دفتر صنعه، ونقشت عليه قصيدة جذّاب، ويتخذ شكلاً نحتياً.بإذن من الفنان
صادق كويش الفراجي. الشجرة التي أحبها في شارع أبو نواس، 2017. فحم، حبر، وزيت على ورق هندي مصنوع يدوياً. مجموعة خاصة.

 في 40 لوحة استخدم فيها الحبر والفحم والريشة الزيتية على أوراق هندية مصنعة يدويًا، نرى رسومًا لهذه الشجرة، والتي يقول عنها: «إنّها كل شجرة استلقيت تحتها أو التجأت إلى ظلّها ككل الذين مرّوا بها. كل شجرة في ذلك الطريق تكتم أسرار الذين استندوا إليها. تحت كل شجرة مرّت ما لا يمكن حصره من حكايات العشق والأمل والجوع والخوف والانتظار، وغيرها الكثير من جملة تجاربنا في الحياة».

“بدر علي” هو رسّام شغوف آخر، يصف ما يرسمه أنّه: «ليس بالضرورة تعبيريًا بالمعنى التقليدي؛ إنّما رمزيّ وسرمديّ غامض يتجاوب مع الأحاسيس». خلال السنوات الأخيرة التي قضاها متجوّلًا بين لندن وفلورنسا وجدّة وغيرها، لم تفارق مفكرته حقيبة ظهره قط، يقول بدر: «ليس من المفترض أن يكون العمل الفنّي مثاليًا؛

أعطني الفوضى والخطوط المبعثرة واللطخات. دفتري الممزق، أصحبه أينما ارتحلت في مقابل عمل نفّذته بحرصٍ ودقة كحصيلة نهائية لأفكاري».

في المعرض، نلقي الضوء على هذا التحوّل، حيث نعرض أكوامًا من رسوماته ومفكراته داخل حقيبة، بالإضافة إلى مطبوعات ابداعيّة معلّقة على الحائط.

كتبت منال الدويان أثناء مناقشة عمل "صفية بن زقر": «تتشكّل روح العمل الفني في دفتر الرسم».

أما بالنسبة للزوّار الذين يشاهدون أعمال الفنانين الذين يرسمون على الورق في «أماكن»، فإنهم يشعرون كما لو أنهم يدخلون عالمًا سريًا خاصًا.

بقلم فينيشيا بورتر، القيّمة الفنّية لمعرض أماكن.  

يقام معرض أماكن 2022 في مقر إثراء ويمكن زيارته الآن وحتى تاريخ 30 سبتمبر.

«بدر علي» قياس للطاقة اللامتاحة،  2021-22. ألوان أكريليك مطبوعة على ورق هانيموله (نسخة وحيدة) بتكليف من ساك لمعرض 21.39 فن جدة 2020.
إعادة تعيين الألوان