نحن نعد شيئًا رائعًا من أجلك.

إشراقاتٌ مِن "نُورِ الرّياض"
A-
A+
ضيفُ العدد

إشراقاتٌ مِن "نُورِ الرّياض"

إشراقاتٌ مِن "نُورِ الرّياض"

زارا حسين، نومينا، 2022. بإذن من الفّنانة والهيئة الملكية لمدينة الرياض.

بقلم غيداء المقرن
December 20th, 2022

ترتبط الإضاءة بفكرة الرفاهية العاطفية، فيُعرف كل من الضوء والفنّ بقدرتهما على المساهمة في علاج الاكتئاب والشفاء منه، وتحسين الحالة المزاجية. والجمع بينهما في مهرجان على مستوى المدينة، سيكون له تأثير قوي على سكانها.

نور الرياض مهرجان النّور والفنّ، بنسخته الثانية أضاء المدينة بأكثر من 190 قطعة فنّية لـ 130 فنّانًا من أكثر من 40 دولة، بالإضافة إلى عروض الإضاءة، وتجارب الواقع الافتراضي، وطائرات الدرون المضيئة عبر 40 موقعًا.

ظهرت هذه الأعمال الفنّية الضخمة في الأماكن العامة في مناطق مختلفة من الرياض، خلقت جوًا احتفاليًا ممتعًا، وأثارت الفضول لدى الصغار والكبار. كما كانت التركيبات ساحرة في وادي نمار، ووادي حنيفة، والمنتزهات، وصحراء الثّمامة، يتغير فيها الضوء بطريقة غير متوقعة، كإضاءة سماء الصحراء، أو الانعكاس على سطح الماء، خالقًا تجارب سريالية فيها.

دوغ أيتكين، النهر، 2022. بإذن من الفّنان والهيئة الملكية لمدينة الرياض.

تشترك بعض هذه المنحوتات الضوئية في الساحات العامة مع الأطفال المحليين الذين اعتادوا التزلج أو ركوب الدراجات أو لعب كرة القدم، والضوضاء الصادرة عن الأطفال الذين يلعبون حول هذه المنحوتات أضفت سحرًا على التجربة. مشاهدة السكان المحليين يتفاعلون مع هذه الأعمال الفنية، بنظرة إعجاب، ومشاعر فيّاضة أثناء الوقوف أمام فن ضوئي كان يبعث على الدفء، والضوء يتواصل معهم في صمت، من خلال دمج الضوء والظّل واللّون، تعمل هذه الأعمال كبوابات تنقل الجميع إلى عوالم أخرى.

حوّل مهرجان "نور الرياض" العاصمة إلى معرض ليليِّ رائع في الهواء الطلق، قدّم الفنَّ للناس وعرّفهم على مجموعة جديدة شاملة من الخبرات والأفكار. إنّ هذه التجارب تسمح لهم بالنظر في العمق، وتثير في عقولهم أسئلة لم تخطر لهم من قبل، مما يثري حياة سكان المدينة وزوارها، ويطلق شرارات من الإبداع تشجع على التعبير عن الذات. يحثّ المهرجان على المشاركة المجتمعية من خلال تقديم مجموعة متنوعة من الأنشطة للجميع، من العروض الموسيقية إلى الأنشطة العائلية وورش العمل وغيرها. والأموال التي جمعت من خلال بيع التذاكر تم التبرع بها للأعمال الخيرية.

ديانا ثاتر، طاقم من الصقور 2008، بإذن من الفّنانة والهيئة الملكية لمدينة الرياض.

يستكشف مهرجان هذا العام فكرة "نحلم بآفاق جديدة"، الذي يتمحور حول الشعور بالأمل في المستقبل، بنظرة إيجابية ومتفائلة وواثقة للتحول الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للبلاد، بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030، حيث استخدم الفنانون المشاركون الضوء كوسيط لإبراز آمالنا وتطلعاتنا وأحلامنا.

يربط هذا الحلم الجماعي بين المهرجان على مستوى المدينة وبين معرض "من الشّعاع إلى الشّغف"، إذ يستخدم الفنّانون الإضاءة واللمعان، لعكس الأمل في شكل ضوء، واستكشاف موضوعات مثل تغير المناخ، والتنمية الحضرية، والطرق التي نتفاعل بها مع بعضنا بعضًا، والمستقبل الذي نتخيله.

ديانا ثاتر، طاقم من الصقور 2008، بإذن من الفّنانة والهيئة الملكية لمدينة الرياض.

يستمر المعرض المصاحب للمهرجان "من الشّعاع إلى الشّغف"، إلى 4 فبراير 2023 في حي جاكس بالرياض. هذا المعرض الذي نسق تحت إشرافي وإشراف ونيفيل ويكفيلد كقيّمين فنّيين؛ وهو عبارة عن قصة مرئية تسرد الدور الذي يلعبه الضوء في تشكيل علاقتنا بالعالم، حيث أصبح الضوء نفسه إشارة للتغيير. رحلة المعرض من ثلاثة أجزاء تستكشف تقنيات الضوء، وهندسته، وفهمه، من خلال تجارب واقع افتراضي غامرة وتفاعلية تشجع مشاركة الجمهور.

سعد الهويدي – على الفطرة 2022 - بإذن من الفّنان والهيئة الملكية لمدينة الرياض.

تبدأ هذه الرّحلة بتقنيات الضوء، تدرس كيفية تأثير الضوء على البنية الحسيّة والاجتماعية التي تتأثر بماضينا وتؤثر بمستقبلنا. هذه التقنيات تعرض دور الضوء، بدءًا من طاقة الأرض إلى الكهرباء والهولوغرام. فالأعمال الفنّية المعروضة لا تكشف فقط عن بداية الحدود بين العقل والجسد، بين البنية الرّقمية والبنية التناظرية، بين الماضي والمستقبل، ولكن أيضًا من أين تتقاطع وتتقارب.

بعد ذلك، يختبر الزوار معمارية الضوء، حيث يحتفل الفنّانون مع البنية الموجودة في الكون، ويعيدون تشكيل الفضاء وإعادة تعريفه. ويجمع هؤلاء الفنّانون بين جوهر التصميمات المعمارية وبين الفنون الرّقمية المعاصرة. هنا يكون الضوء والصوت من المواد الملموسة، حيث رسم الخرائط الرّقمية للضوء، تخلق قصيدة بصرية ومكانية متحولة. تكشف الأعمال الفنّية المعماريّة في الضوء عن تقاطعات الفنّ والعلم، والعصور القديمة والحديثة، والشرق والغرب.

ناصر الشميمري، الّنور الداخلي، 2022 بإذن من الفّنان والهيئة الملكية لمدينة الرياض.

تكتمل رحلتنا في إدراك الضوء بفهم الأساس الفسيولوجي للوعي الذي هو مجازيًا أساس المعرفة. إن إدراك الضوء يلهمنا التفكير في أنفسنا ومحيطنا، لاستكشاف الرابط المعقد بين الإدراك والتفكير.

تمنح كل قطعة إلهامها الخاص، وتدعونا للكشف عن طرق جديدة لفهم أنفسنا وعالمنا ومستقبلنا والتأمل فيها.

تأخذ الحوارات الداخلية للفنّانين مسارات مختلفة، البعض يعالج القضايا البيئية، ويذكرنا بتعبيرات وجدانية حزينة، سببها عواقب التدخل البشري في هذا العالم، وذلك بالتفكير في طرق العيش والتعامل مع الموارد الطبيعية للأرض. يبحث هؤلاء الفنّانون في أفكار من أجل غد أفضل، كما يبحث آخرون في العلاقة بين الضوء والثقافة، ويستكشفون التغييرات التي أحدثتها التكنولوجيا على ثقافتنا. هنا يتم استخدام الضوء واللمس، للنّظر في الروحانية ووحدة الوعي.

زينب الهاشمي، كما في السماء، كذلك على الأرض، 2022، بإذن من الفّنانة والهيئة الملكية لمدينة الرياض.

المعرض حوار بين الثقافات المختلفة للفنّانين، حيث يضم 30 فنّانًا، نصفهم تقريبًا من الفنّانين العالميين، والبقية فنّانون محليّون، من نخبة من الفنّانين المعروفين والناشئين.

يشارك هؤلاء جميعًا في نقاشات حول المشكلات الاجتماعية والسياسية والبيئية، وتحليل حالة الإنسان والبحث عن إجابات للأسئلة الصعبة التي نواجهها، في أثناء مزجهم بين التقاليد والحداثة، ودمجهم للتكنولوجيا الجديدة مع الوسائط التقليدية، لإنشاء أعمال ملهمة تتجاوز الحدود وتثري الحوار العالمي.

إنه الشّغف الذي تم إشعاله بالشّعاع.

غيداء المقرن هي القيمة الفنّية المحلية لمعرض "من الشّعاع إلى الشّغف" في نور الرياض.

إعادة تعيين الألوان